برلين (أ.ش.أ)
نشرت صحيفة "برلينر تسايتونج" الألمانية مقالاً لمراسلتها بالقاهرة جوليا جيرلاخ، ذكرت فيه أن قناة السويس توصف غالبا بأنها شريان حياة مصر، لأن القناة تمثل أهم ثالث مصدر للدخل بعد البترول والسياحة، ويتم انتظار التقارير الشهرية التى تصدرها إدارة القناة بأهمية بالغة وبقلق بالغ، خصوصاً فى الآونة الأخيرة لأن القناة لم تستطع تحقيق نسب إيراد عالية فى العامين الأخيرين، مثل النسب التى حققتها فى عامى 2007 و2008 رغم التقدم الطفيف الذى سجل فى الشهور الأخيرة، ورغم الانتهاء من أعمال التوسعة التى أجريت للقناة منذ عام.
ومن خلال حديثها مع الفريق أول أحمد على فاضل، رئيس هيئة قناة السويس، أفادت المراسلة بأن هناك ثلاثة عوامل تتسبب فى الأزمة التى تشهدها قناة السويس حاليا.. وأول تلك العوامل كما يقول أحمد على فاضل، هى الأزمة الاقتصادية التى أبطأت من تدفق البضائع إلى القناة، وكنتيجة ملازمة لذلك، لم يتم رفع رسوم المرور بالقناة منذ عام 2008.
وثانى هذه العوامل يمثله القراصنة الذين يمارسون نشاطهم فى القرن الأفريقى، وهو ما يؤثر سلبا على الملاحة فى قناة السويس، ويصبح طريق البحر الأحمر خطراً، ومن ثم تصبح نفقات التأمين باهظة، فمنذ حوالى عام لم تعد عملية التأمين تدار كالمعتاد، وإنما من خلال سفن تأمين حربية إضافية، ومن ثم يفضل بعض مالكى السفن سلوك طرق بحرية أخرى أقل تكلفة، حتى ولو كانت تلك الطرق طويلة وتستغرق زمناً أطول، خصوصاً مع تلك السلع التى ليس هناك داع للإسراع فى نقلها، ويمكنهم بذلك التوفير فى الوقود وفى رسوم الموانئ.
والعامل الثالث الذى يهدد إيرادات القناة، كما يقول رئيسها الفريق أحمد على فاضل، هو التغير المناخى الذى يفتح للملاحة البحرية طرقاً جديدة جداً، ففى الصيف حدث لأول مرة أن عبرت سفينة بضائع من خلال القطب الشمالى بعد انصهار الجليد بسبب التحول المناخى، وبذلك يكون الطريق التجارى بين الشرق الأقصى وأوروبا قد اختصر بحوالى 7000 كيلو متر.
ورغم الأزمة الاقتصادية والقرصنة واحتمالية نشوء طرق تجارية بديلة بسبب التحول المناخى، فإن القناة ليست فى أزمة، كما يرى فاضل، والقناة قد شهدت أحداثاً مختلفة تماماً، فالقناة فى وجدان كل مصرى، فالمصريون قد ضحوا بحياة مئات الآلاف من أجل هذه القناة، وقد ماتوا عطشى وجوعى ومرضى، ومن خلال التعذيب الذى كانوا يتعرضون له على يد رؤساء العمل الأوروبيين الذين كانوا يشرفون على عمليات حفر القناة، ودفنوا فى الصحراء، بالإضافة إلى 100000 آخرين استشهدوا خلال ثلاثة حروب خاضتها مصر من أجل القناة أعوام 1956، و1967 و1973، وهذا العدد الكبير من الشهداء يوضح قيمة القناة بالنسبة للمصريين، فالأمر يتعلق قبل كل شىء بالشعور الوطنى المصرى، وهذا الشعور لن تغيبه الأزمات.