المقدمة
إن المذكرات القانونية شانها شأن أى بحث علميتستلزم لإعدادها إتباع منهج علمي يسير على هداه الباحث عند تصديه لموضوع قانونى ،فإذا ما افتقد الباحث فى إعداده ف لمذكرته القانونية هذا المنهج جاءت أفكاره مشوشةوأسبابه غير واضحة ، وقد يؤدى ذلك إلى عدم استقامة نتائجه مع مقدماته، وعدم وضوح ماتساند إليه من أسباب قد يؤدى – فى الغالب الأعم إلى عدم استجابة من تقدم إليهالمذكرة –محكمة، سلطة ما 00000000 الخ0- إلى ما انتهت إليه المذكرة من طلبات 0
فالمنهج العلمى فى صياغة المذكرات القانونية هو أسلوب أو طريقة منهجية فنيةللمعرفة ونقلها إلى الغير ، وهو أسلوب أو طريقة تختلف عن التفكير العادي ، من حيثكونها تعتمد على منهج معين فى بحث وقائع الموضوع الذى يتصدى له الباحث ، وتحديدالعلاقة بين مفردات تلك الوقائع وما قد يكون هناك من أدلة وأسانيد ومستندات ،وتفسيرها وتحليلها للوقوف على حقيقتها وأهدافها ومراميها بشكل دقيق ثم الوصول إلىنتائج منطقية تؤدى إليها تلك المقدمات والأسباب0
ويتعين على الباحث بداءة أنيبدأ دراسته لا ليبرهن على شئ يعتنقه وإنما ليكشف الحقيقة دون أن تلعب به الأهواءأو توجهه الميول – وهو ما يطلق عليه حياد الباحث – ولكن عندما يصل من بحث الوقائعوالمستندات إلى أن الموضوع الذى يكتب من أجله مذكرته أصبح محل قناعته فهنا يتعينعليه الانحياز إلى ما وصل إليه من رأى وقناعة مدافعا عنها بفطنة ويقظة ، أخذاً فىاعتباره عدم افتراض جهل خصمه 0
أولا : الصفات الواجب توافرها فى الباحث :
وهناك بعض الصفات العامة التى يجب على الباحث القانونى أنيتمتع بها ، وأن يجاهد نفسه على استكمال ما نقص لديه منها وتنمية ما هو متوافر فيه، وهذا من الأمور المنطقية التى تسبق البحث وتلزم لوجوده كى يستقيم ويسير فىالاتجاه الصحيح نحو غايته ، وتتمثل أهم تلك الصفات فيما يلى :-
1- القدرة علىالتحليل والاستنباط والقياس من خلال أعمال العقل والمنطق وتتكون تلك الملكة من كثرةالإطلاع على القوانين والأحكام الصادرة من القضاء العالي (نقض / دستورية عليا / إدارية عليا ) والمؤلفات الفقهية الأكاديمية والعملية – وحضور الجلسات بالمحاكم علىاختلاف أنواعها ودرجاتها ، وذلك كله من الوسائل الضرورية لتكوين وتنمية الثقافةالقانونية علميا وعمليا
2- القدرة على استخلاص النتائج وترتيبها ترتيبا منطقيايتفق فى تسلسل مؤد إليها – مع وقائع الموضوع والتى يجب على أن تكون واضحة جلية أمامالباحث مع تفنيد كل مشكلة فى موضعها الطبيعي ، وإبراز ما قد يتوافر لديه من أدلةوبراهين ومستندات ، بحيث يمكن تصور أن يصل متلقى البحث من نفسه إلى النتيجة التىانتهى إليها الباحث فى مذكرته0
3- المهارة فى اختيار الألفاظ والتراكيب اللغويةللتعبير عن وجهة نظره وعرض أفكاره، ولا شك أن من أساسيات تكوين وتنمية تلك المهارةالإكثار من القراءات الأدبية والشعرية والمداومة عليها ، وفوق ذلك كله قراءة القرآنالكريم والمواظبة عليه 0بما يمكنه ذلك كله من اختيار الألفاظ الدقيقة التى تعبر عنالمعنى المقصود والابتعاد عن غريب الألفاظ ومهجورها وتجنب العبارات الغامضة 0
4- عدم الأخذ بآراء الغير وما يطرحونه من أدلة وبراهين ومستندات على أنها و ما تحويهحقائق مسلم بها ، وإنما عليه أن يتناولها بالفحص والتدقيق ، إذ كثيرا ما تكشفالدراسة المتعمقة عن عدم صحة تلك الأدلة أو بطلانها أو وجود أدلة وقرائن مضادةتدحضها ، وقد تكون بعض المستندات مزورة كلية أو فى جانب منها ، أو مستخدمه فى غيرما أعدت له 0
5- عدم التسرع فى إصدار الأحكام والأراء إلا إذا امتلك الدليل والبرهان على ما يعتقد بصحته أو يوقن بخطئه ، موقنا فى قرارة نفسه بأن ما يقولهصواب يحتمل الخطأ ، وإن ما يقوله خصمه خطأ يحتمل الصواب ، فعليه إذاً أن يؤهل نفسهبالدراسة والتدقيق لأن يكون قوله هو الصواب ، وأن يمحص قول غيره عساه يتبين نواحيالخطأ فيه ليستثمره فى مذكرته مقيما الدليل عليه0
6- الأ يكتفي بمعرفة جزئية أودليل فردى أو منقوص ، وإنما عليه أن يناول موضوعه بكافة جوانبه ومناقشة كافة الأدلةدون اجتزاء توصلا إلى رؤية واضحة و جلية تمكنه من امتلاك ناصية الصواب فى بحثه 0
7- مراعاة الدقة فى توثيق مصادره ومستنداته وأدلته ومجليا لها فى مذكرته بحيثيتمكن المتلقي لها من التعرف عليها والاستيثاق من صحتها 0
8- مراعاة أن تكونالوقائع والمستندات والأسباب والأسانيد الواقعية والقانونية التى يتساند إليهامؤدية إلى النتيجة التى انتهى إليها فى تسلسل منطقي ، وأن تكون تلك النتيجة مستخلصةاستخلاصا سائغا من تلك المقدمات 0
ثانيا : المرحلة السابقة على صياغة المذكرة :
بعد أن بين أهم الصفات العامة التى يجب أن يتحلى بها الباحثبصفة عامة والقانوني بصفة خاصة ، نأتي إلى مرحلة بالغة الأهمية وهى المرحلة السابقةعلى صياغة المذكرة ، وتبدأ من وقت عرض موضوع ما عليه لإعداد مذكرة أو بحث قانونىعنه ، وهنا يتعين على الباحث القيام بالاتى :
1- دراسة وقائع الموضوع من كافةجوانبه دراسة متأنية والغوص فى أعماقها بموضوعية وحيادية ، و ما يتعلق بها من أدلةوبراهين ومستندات0
2- الرجوع إلى النصوص القانونية التى تنظم تلك الوقائع وآراءفقهاء القانون بشأنها وعدم الاقتصار على قراءة رأى فقهي واحد ، وأن تكون هذهالقراءات فى مؤلفات مشاهير الفقهاء ، ثم المستقر عليه فى أحكام القضاء العالي ( نقض /دستورية عليا /إدارية عليا )، وهذه هى الأسلحة الاستراتيجية الضرورية لأى باحثقانونى 0
3- إجراء المناقشات التى يرى ضرورتها مع ذوى الشأن التى تعد المذكرةتحقيقا لصالحهم ، لإاستجلاء ما غمض من وقائع أو خفي من مستندات أو أدلة ، وأن يدونذلك فى ملاحظات جانبية 0
4- بعد ذلك لا شك أن الباحث يكون قد تفهم وبعمق موضوعه، وعليه حينئذ ترتيب وقائعه ومستنداته ترتيبا تاريخيا مناسبا لتلك الوقائع، وأنيحاول توقع ما قد يثيره خصمه من دفوع ودفاع مضاد – (مفترضا عدم جهل خصمه أو سذاجته، وواضعا فى اعتباره فطنة من ستقدم إليه المذكرة ) - مهيئاً نفسه للرد على ما قديصار من الخصم أو ممن تقدم إليهم المذكرة 0
وتجدر الإشارة إلى أن صحيفة الدعوىالقضائية شأنها شأن المذكرة القانونية – وان كانت الأخيرة عادة ما تكون أكثراستفاضة بالنظر لتناولها بالشرح والتفنيد والاستدلال لما قد يوجز فى الصحيفة أوللرد على صحيفة أو مذكرة الخصم أو تقارير الخبراء - وعادة ما تندرج المذكراتالقانونية تحت واحدة أو أكثر مما يلى :-
1- مذكرة بإبداء رأى قانونى ( نموذج "1")
2- مذكرة بطلب مقدم لسلطة عامة مختصة (نموذج "2")
3- مذكرة مقدمة لمكتبخبراء (نموذج "3")
4- مذكرة مقدمة عن مدع فى دعوى مدنية ( نموذج"4 ")
5- مذكرة مقدمة بدفاع متهم فى جنحه ( نموذج"5")
6- مذكرة بدفاع متهم فى جناية أموالعامة (نموذج"6")
7- مذكرة فى طعن بالنقض عن مطعون ضده
(نموذج "7 ")
8- صحيفة طعن بالنقض عن طاعن (نموذج"8" )
9- مذكرة فى تحكيم (نموذج "9")
الإطار العام الذى يتعين أن تشتمل عليه المذكرة من الناحية الشكلية :
�يجب أن تشتمل المذكرة على البيانات الآتية :
1- الجهة التى ستقدم إليها ، فان كانت محكمة يذكر اسم المحكمة ورقم الدائرة 0
2- اسم مقدم المذكرة وصفته و ما إذا كان مدع أو مدع عليه 0
3- اسم الخصموصفته وما إذا كان مدع أو مدع عليه 0
4- رقم القضية وسنتها والجلسة المحددةلنظرها 0
5- وقائع النزاع فى تسلسل منطقي مدعما بالمستندات ان وجدت 0
6- تفنيد تلك الوقائع والمستندات ومدلولها 0
7- النصوص القانونية ذات الصلة 0
8- المستقر عليه فقها وقضاءا فى شأن النصوص القانونية وما قد يكون هناك من سوابققضائية فى مثل هذه الحالة والتى تدعم وجهة نظر الباحث وتلباطه ، مع تحديد تلكالمراجع ( رقم الحكم ، وسنته، والمحكمة التى أصدرته، وتاريخ صدوره ) وبالنسبةللمراجع الفقهية (ذكر اسم المرجع، ومؤلفه، وسنة الطبع، ورقم الصفحة أو الصفحاتالمنقول منها الرأى )0
9- مقتضى إنزال النصوص القانونية والمستقر عليه فقهاًوقضاءاً على وقائع النزاع وأسانيده 0
10- الطلبات الختامية 0
كيف تكتب المذكرة فىصياغة قانونية فنية ؟
للاجا به على هذا السؤال يتعين أن نجيب علىسؤال آخر هو ، لمن ستقدم هذه المذكرة أو لأى محكمة ستقدم ؟ ومن صاحبها ؟
ذلك أنالأمر يختلف اختلافا جذريا فى المذكرات إلى جهات غير قضائية وتلك التى تقدم إلىالمحاكم وهذه تختلف فى المذكرات التى تقدم إلى المحاكم المدنية عنها فى المذكراتالتى تقدم إلى المحاكم الجنائية على التفصيل الذى سيأتي بعد :
أولا : فى الدعاوى المدنيـــــــــة :
وفيها نفرق بين :
أ – المذكرات التى تقدم من المدعى والمدعى عليه
ب-المحكمة التى ستقدمإليها ودرجاتها ( الابتدائى والاستئناف )
أما الطعن بالنقض فانه يختص بقواعد يجبالالتزام بها فإذا حاد عنها كاتب المذكرة يتعرض للبطلان 0
1- المذكرات التى تقدم من المدعى أو المدعى عليه أمام المحاكمالابتدائية ( أولى درجة ) :
وقبل أن نتناول مذكرة المدعى لا بد من التعرضلصحيفة افتتاح الدعوى فهي بمثابة مذكرة يجب أن تتضمن شرحا وافيا لموضوع الدعوىمؤيدا بالمستندات التى يجب أن تنطوى عليها الحافظة التى تشفع بالمذكرة 0
وتكونهذه المذكرة جامعة مانعة للدرجة التى قد تغنى عن الكتابة أثناء نظر الدعوى 0
وجدير بالذكر أنه يجب إيراد نصوص القانون المنطبقة والاستشهاد بأحكام محكمةالنقض فيما أوردته من وقائع وأن تنزل عليها حكم هذا القانون وتلك الأحكام 0
فإذا قدم المدعى عليه مذكرة ، هنا يجب عليه أن يقدم المدعى مذكرة يرد فيهاعلى ما انطوت عليه مذكرة المدعى عليه من مغالطات سواء فى واقع الدعوى أو فى إنزالحكم القانون عليها وذلك حسب ما ورد بالمذكرة المعنية 0
2- مذكرة المدعى عليه :
تبدأ المذكرة بإبداء ما نراه مندفوع قد تكون شكلية مثل الدفع بعدم الاختصاص المحلى أو الدفع، بعدم قبول الدعوىلرفعها من غير ذى صفة ، أو عدم الاختصاص القيمي 0وقد تكون موضوعية مثل الدفع بعدمجواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها مع إيراد الدليل على صحة الدفع ، وما إلى ذلك مندفوع حفل بها قانون المرافعات وللبحث فيها مجال آخر ونكتفي هنا بالقول أنه يتعينعلى المحامى الإلمام بهذه الدفوع والاسترشاد فيما يكتب بنصوص القانون وما هو مقررفى أحكام محكمة النقض إذا كان النزاع مطروحا أمام القضاء العادي أو أحكام المحكمةالإدارية العليا إذا كان مطروحا أمام القضاء الادارى 0 ثم نتناول الرد على ماتضمنته صحيفة الدعوى فى موضوعها أو من حيث التطبيق القانونى، أى إنزال حكم المبادئالقانونية الصحيحة على الواقعة، وشرح ما قد يكون المدعى قد انزلق فيه من تحريفللموضوع وبيان عدم انطباق المبادئ القانونية التى استند إليها المدعى فى صحيفةدعواه أو فى المذكرات التى تقدم بها لاحقا ، وتفنيد الحجج التى تساند إليها وإظهارالوجه الصحيح للحق فى الدعوى 0
ب- : المذكرات التى تقدممن المستأنف أو المستأنف ضده فى الاستئنــاف :
لا بد بداءة أن نضع فىالاعتبار أن الاستئناف هو طعن على حكم صادر من محكمة أول درجة لم يرتضيه من صدر ضدهالحكم كلياً أو جزئياً ، وقد يكون من صدر ضده الحكم هو المدعى أو المدعى عليه أمامأول درجة 0 فهنا يكون كمن لم يرتض هذا الحكم الطعن عليه بالاستئناف 0
ا- المستــأنف :
يتعين أن تكون صحيفة الاستئناف مشتملة علىجميع المطاعن التى يمكن توجيهها إلى الحكم المستأنف 0
فإذا كان المستأنف هوالمدعى أمام محكمة أول درجة فعليه أن يهاجم الحكم لعدم أخذه بالأدلة والمستنداتالتى سبق طرحها على محكمة أول درجة بالبرغم من وضوحها وقطعية دلالتها على الحق الذىرفعت به الدعوى والرد على الحجج التى ساقها المستأنف ضده (المدعى عليه أمام محكمةأول درجة )، ويمكن الاستعانة فى هذا الشأن بما عساه أن يكون قد تناوله فى المذكراتالمقدمة الى محكمة أول درجة مع التأكيد على النقاط المهمة فيه أو اعادة شرحهابأسلوب أوضح ويمكن تعزيز وجهة النظر بمزيد من المستندات التى تدحض ما ذهب اليهالحكم المستأنف 0
وإذا كان المستأنف هو المدعى عليه أمام محكمة أول درجةفانه يتعين أن تشتمل صحيفة استئنافه على الرد على ما ساقه الحكم المستأنف من أسبابتساند إليها فى قضائه ، وكذا الرد على حجج المدعى فى الدعوى ، وأخص بالذكر ما قدممن مستندات، وفى الجملة الرد على أسباب الحكم وحجج المدعى ( المستأنف ضده) سواءأكانت تلك الحجج قد وردت فى صحيفة دعواه أم فى مذكراته 0
ب- المستأنف عليــــــــــه :
يبدأ المستأنف عليه بعرضموجز لوقائع الدعوى ويمكنه أن يستعين بما أورده الحكم المستأنف فى شأنها وينتقل بعدذلك إلى الدفوع التى يرى إبداؤها ومنها ما هو شكلي مثل الدفع بسقوط الاستئنافللتقرير به بعد الميعاد أو الدفع بعدم قبول الاستئناف لرفعه من غير ذي صفة أوموضوعيا مثل الدفع ببطلان الاستئناف لتحقق سبب من أسبابه 0
وينتقل كاتب المذكرةبعد ذلك إلى الرد على صحيفة الاستئناف بأن يتناول كل سبب من الأسباب بالرد عليه بمايدحضه سواء من حيث واقع الدعوى أو ما يكون تردى فيه من مغالطات قانونية 0
فبالنسبة لواقع الدعوى فأن المستندات هى القول الفصل فيها وعلى ذلك ينبغي شرحالمستندات التى تؤدى الى تعزيز وجهة نظر المستأنف عليه0 وإذا أمكن الاستعانةبمستندات جديدة أو طلب ضم محضر أو قضية فيها ما يعين على توضيح وتعزيز ما دفاعه 0
وبالنسبة للمبادئ القانونية فيعاد شرحها مع الإشارة الى ما سبق تناوله أماممحكمة أول درجة والإحالة عليه0 وإبراز حكم النقض المنطبق على واقع الدعوى حتى لوكان وقد سبق إيراده فى المذكرات أمام محكمة أول درجة 0
والدفاع عن الحكمالمستأنف فيما أورده من أسباب تؤدى الى النتيجة التى انتهى إليها 0
وفى كلتاالحالتين أى سواء أكانت المذكرة مقدمة من المستأنف أم المستأنف عليه يجب أن تتعرضلوقائع الدعوى فى إيجاز غير مخل ودون إطناب يدخل الملل على قارئها 0
وأخيراإذا كانت المذكرة ردا على الدعوى أو ردا على مذكرة قدمت فيها فيجب أن يكون الردهادئا مدعما بالمنطق والقانون وأحكام النقض دون التدني إلى ألفاظ التى قد يعتبرهاالخصم إهانة له 0 فالاحتكام فى النهاية والغلبة للمنطق السليم وصحيح القانون 0
ثانيا :- فى الدعاوى الجنائيـــــــــــة :-
وفيها يختلف الأمر عما إذا كانت المذكرة مقدمة إلى محكمة الجنحبدرجتيها (جنح ، جنح مستأنفة ) أم إلى محكمة الجنايات 0
ومع ذلك هناك ثوابت لاتحيد عنها فى الأمرين ذلك انه لابد من إبداء الدفوع أولا قبل الخوض فى الموضوع وعلىالأخص الدفوع المتعلقة بالبطلان إذا ما وسعته الدعوى سواء كان البطلان متعلقابالتفتيش أو الإذن به أو شخص من قام به 0000000الخ 0
ثم التعرض إلى لوقائعالدعوى مستخلصا من المحاضر التى ضبطت فى شأنها دون تحريف أو مغالطة حتى تكسب احترامالقاضي، وبعد ذلك الانتقال إلى مناقشة الدليل فى الدعوى وهنا يختلف الأمر عما إذاكانت المذكرة مقدمة إلى محكمة الجنايات عنها إذا ما كانت مقدمة إلى محكمة الجنح 0
المذكرة المقدمة إلى محكمة الجنايات :
تقدمالنيابة العامة قائمة بأدلة الإثبات التى رأت أن فيها الدليل على الاتهام الذى قدمتبه المتهم إلى المحاكمة الجنائية 0
وهنا يجب علينا أن نناقش هذه الأدلة الدليلتلو الآخر ونستخلص من أوراق الدعوى ما يدحضها وقد نستعين بمستندات نقدمها إلىالمحكمة تعزز ما ذهبنا إليه فى دفاعنا وبعدها أو قبلها حسب ظروف الواقعة علينا أنتناقش أركان التهمة أو الاتهامات المنسوبة إلى المتهم وبيان أن التهمة فاقدة لأحدأركانها والتركيز على شرح أهمية الركن الفاقد وعلى سبيل المثال قصد الاستيلاء علىمال للدولة مصاحبا لفعل الاستيلاء أو الدليل على حسن النية فى بعض الجرائم 000000000الخ0
ولا يفوتنا مناقشة أقوال شهود الإثبات وتوضيح ما تناقضوا فيه منوقائع وأن هذا التناقد الحكم ببراءة المتهم وفى النهاية إسقاط أقوال هؤلاء الشهودوإنها بذلك لا تصلح دليلا فى الدعوى ويحسن إن يكون ذلك تحت عنوان بارز هو " مناقشةالأدلة " 0
- وختام المذكرة التدليل على البراءة 0ثم الانتهاء إلى طلب ختامي وهوالحكم ببراءة المتهم 0
المذكرة المقدمة الى محكمة الجنح :
لا تختلف كثيرا عن المذكرة السابقة إلا فى أن النيابة العامة لا تقدمقائمة بأدلة الإثبات ولذلك عليك أن نستنبط بأنفسنا هذه الأدلة من محاضر الاستدلالوالتحقيقات ، ونتناولها بالتفنيد، وفى هذا لا يختلف الأمر عنه أمام محكمة الجناياتمن حيث مناقشة من سمعت أقواله ومناقشة أدلتها، وتختلف كل مذكرة عن الأخرى حسب موضوعالتهمة وما أحاط بها وإذا كانت المذكرة مقدمة إلى محكمة الجنح المستأنفة فعلينامناقشة الحكم المستأنف وبيان أوجه العوار فيه وأخصها الفساد فى الاستدلال وبيان وجهالبطلان التى انطوى عليها ذلك الحكم 0
ثالثا : فىمذكرة الطعن بالنقض :
يجب التنويه بداءة إلى أن الطعن بالنقض هو طريق غيرعادى للطعن على الأحكام و لا يترتب على سلوكه وقف تنفيذ الحكم المطعون عليه سواءأكان الطعن على حكم صادر فى دعوى مدنية أم جنائية ، لأن الطعن بالنقض لا يجوز إلابالنسبة للأحكام النهائية الصادرة من محكمة ثانى درجة أو محكمة الجنايات بالنسبةللأحكام الجنائية وهى أحكام بطبيعتها واجبة النفاذ 0
صدر القانون رقم 57لسنة 1959 شاملا أحكام الطعن بالنقض بصفة عامة، وانتظمت المواد من 1 إلى 29 منهحالات الطعن بالنقض فى المواد المدنية والتجارية ثم صدر القانون رقم 13لسنة 1968ونص على إلغاء المواد سالفة الذكر بالنسبة للأحكام الصادرة بعد تاريخ العملبالقانون المذكور 0 وانتظمت نصوص المواد 248 و ما بعدها منه إجراءات وحالات الطعنبالنقض 0
ولما كان هذا البحث قاصراً على كيفية كتابة المذكرة التى تقدم إلىالمحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها فإننا نحيل كل ما يتعلق بالإجراءات إلىالقانونين سالفى الذكر وهما القانون رقم 57 لسنة 1959 م بالنسبة للمواد الجنائيةوالقانون رقم 13 لسنة 1968 م بالنسبة للمواد المدنية والتجارية ونورد الملاحظاتالتالية :
1- سبق أن قلنا " ان الطعن على الحكم بطريق النقض لا يترتب عليه وقفتنفيذه" الا أنه يجوز لمحكمة النقض أن تأمر بوقف التنفيذ مؤقتا لحين الفصل فى موضوعالطعن إذا طلب ذلك فى صحيفة الطعن ، وكان يخشى من التنفيذ وقوع ضرر جسيم يتعذرتداركه ( المادة 251 مرافعات ) هذا بالنسبة للمواد المدنية والتجارية0
أمابالنسبة للمواد الجنائية فقد نصت المادة 36 مكرر من القانون رقم 57 لسنة 1959 علىوجوب توافر شرطين لوقف التنفيذ هما :
الأول : أن يكون الحكم صادرا بعقوبة مقيدةأو سالبة للحرية أى لا يجوز الطعن بالنقض فى الأحكام التى اقتصرت العقوبة فيها علىالغرامة 0
الثانى : أن يطلب الطاعن ذلك فى مذكرة أسباب الطعن 0
الثالث : وهناك شرط ثالث كان قد أبدى أمام مجلس الشعب أثناء مناقشة المادة 36 ولكن الاقتراحلم يؤخذ به وهو أن يكون الحكم المطعون مرجح الإلغاء ، وبالرغم من ذلك بقى هذا الشرطقائما فى الواقع العملي ذلك لأنه بالنظر الى طبيعة عمل محكمة النقض فان ميعاد وقفالتنفيذ مؤقتا من عدمه يكون بالنظر إلى مدى رجحان إلغاء الحكم المطعون فيه 0ولهذاشاع فى المذكرات التى يتقدم بها المحامون للطعن بالنقض أن يقرنوا هذا الشرط بطلبوقف التنفيذ ويقيمون الدليل عليه استخلاصا من أوجه الطعن المقدمة فى المذكرةوانتهاءاً إلى انه بذلك يضحى الحكم المطعون مرجح الإلغاء 0
2- يجب أن توقعالمذكرة من محام مقبول للمرافعة أمام محكمة النقض وأن تكون صحيفة الطعن مشتملة علىكافة أسباب الطعن ، وان تقدم فى الميعاد المنصوص عليه إذ لا يجوز إبداء أسباب جديدةبعد انقضاء هذا الميعاد (57 لسنة 1959) 0
3- لا يقبل الطعن إلا فى الأحكامالنهائية الصادرة من محاكم الدرجة الثانية أى لا يجوز الطعن بالنقض بالنسبة للموادالجنائية الا فى الأحكام النهائية الصادرة من محكمة الدرجة الثانية أى لا يجوزالطعن بالنقض بالنسبة للمواد الجنائية فى الأحكام الغيابية أو الصادرة حضوريااعتباريا، والعبرة فى الأخيرة بحقيقة الواقع وليس بوصف المحكمة للحكم، فإذا كانتالمحكمة قد وصفت الحكم بأنه حضوريا فى حين أن الثابت من محاضر الجلسات أن المتهم قدحضر الجلسة الأولى فقط ولم يبد ثمة دفاع فتأجل نظر الدعوى ولم يحضر المتهم فان قضاءالمحكمة فى الدعوى يكون فى حقيقته حضوريا اعتباريا بغض النظر عن وصف المحكمة له - فإذا لم يستعمل المتهم حقه فى الطعن على الحكم بالمعارضة فانه لا يحق له من بعدالطعن بالنقض0
4- فى حالات الطعن فى المواد المدنية والتجارية يجب على الطاعنإيداع كفالة طبقا لنص المادة 254 مرافعات وإيداع صور من صحيفة الطعن طبقا للمادة 255 المعدلة بالقانون رقم 13 لسنة 1973 ،218 لسنة 1980 م0
وللمطعون ضده أنيقدم مذكرة بدفاعه وفقا لما جرى به نص المادة 258 مرافعات وللطاعن الرد عليه طبقاللفقرة الثالثة من نفس المادة 0
5- القاعدة الأساسية أن النقض إنما بحكمالحكم أى تنظر محكمة النقض فيما إذا كان الحكم المطعون فيه قد التزم القانون فهماوتطبيقا ولم يخرج عن واقع الدعوى المطروحة مع مراعاة الإجراءات التى نص عليهاالقانون وترتيبا على ذلك فان مذكرة الطعن بالنقض يجب أن تنصب على ما سطره الحكمالمطعون عليه من أسباب 0
نعود إلى كيفية كتابة المذكرة:
أ�- في الموادالمدنية والتجارية0
تبدأ المذكرة فى سرد وقائع الدعوى فى إيجاز غير مخل بداً منصحيفة الاستئناف وأسبابه والحكم فيه مع عرض ملخص لما قدمه الطرفان من مستندات 0
إن الطعن بالنقض يجب أن ينصب على الحكم الصادر فى الاستئناف دون الحكمالأبتدائى إلا فيما أحال به الأ ول على الأخير، فهنا يصبح الحكم الأبتدائى جزءاً منالحكم الأستئنافى فيما إحالة هذا الأخير عليه ويكون بذلك محلاً للطعن فتوجه إليهالمطاعن فيما أنزلق إليه من بطلان وخلافه 0
وعندما يكون وجه الطعن موجهاً إلىالحكم الأبتدائى فيما أصابه من بطلان نقول " أنه لما كان الحكم المطعون فيه (الحكمالأستئنافى) قد أيد الحكم الأبتدائى فقد استطال إليه البطلان بما يستوجبنقضه"
وإذا كانت المذكرة من المطعون ضده فانه بعد إيراد الواقعة فى إيجاز نتناولمذكرة الطعن المقدمة من الطاعن وتفنيد كل ما جاء بها مع الدفاع عن الحكم المطعونفيه وبيان موافقته لصحيح القانون والواقع 0
ب- في المواد الجنائية:
- نفسالقاعدة وهو أن الطعن يوجه إلى الحكم الصادر من محكمة الدرجة الثانية وذلك فى موادالجنح ولكن بل غالباً مع تساند الحكم الأستئنافى إلى الحكم المستأنف ويحيل عليه دونأسباب جديدة وهنا تكون أسباب الطعن متعلقة بما شاب الحكم الأبتدائى من أوجه بطلاناستطالت إلى الحكم الأستئنافى ( المطعون فيه) الذي أيده 0
- وهنا يجب التنويهإلى أمر هام وهو انه إذا كان المتهم مفرجاً عنه فإن عليه أن يقدم نفسه لمحكمة النقضقبل نظر الدعوى ويكفى أن يقدم نفسه فى اليوم المحدد لنظر الدعوى وقبل انعقاد الجلسة 0
وآيا ما كان الأمر فانه ينبغي على كاتب المذكرة أن يتحرى أوجه البطلان فىالحكم سواء من حيث الشكل أو الموضوع 0
- فبالنسبة للشكل يجب مراقبة تشكيلالمحكمة حسبما هو ثابت فى ديباجة الحكم وتحرى هذا التشكيل فيما إذا كان هو نفسهالذى سمع الدعوى وباشر إجراءاتها وقام بالنطق بالحكم وكذا ينبغي مراجعة الإجراءاتالتى اتبعتها المحكمة وهل أغفلت ما نص عليه القانون مثل فض الإحراز وإعادة التحريزفى مواجهة المتهم والإطلاع على الورقة المزورة واثبات فحواها 00 إلى غير ذلك منإجراءات نص القانون على وجوب إتباعها وإغفالها يترتب عليه بطلان الحكم 0
إنمذكرة الطعن يجب أن تشتمل على وقائع الدعوى والحكم أو الأحكام التى صدرت فيها ثمأوجه الطعن إجمالاً على الحكم الأخير – على ما سبق بيانه ، وبعدها بيان كل وجه علىحده واضعاً له العنوان الذى يلائمة ومثال ذلك :
حاصل وجه الطعن القصور فىالتسبيب أو مخالفة القانون أو الخطأ فى تطبيقة وكذا الخطأ فى الإسناد والفساد فىالاستدلال، ويمكن أن يشتمل العنوان على وجهين أو أكثر0
- ثم تتطرق إلى شرح وجهالطعن مع الاسترشاد بحكم النقض المناسب أو أكثر من حكم 0
- ثم إنزال حكمه علىما ورد فى الأسباب وصولاً إلى التقرير ببطلان الحكم 0
- وفى النهاية طلب وقفالتنفيذ وبيان السباب التى يمكن الاستناد إليها فى هذا الطلب