أبحاث قانونية وشؤون قضائية
المرافعات المدنية والتجارية والنظام القضائي في مصر
وضع الدكتور عبد الحميد أبو هيف بك منذ عشر سنوات كتابه في المرافعات المدنية فاهتم به رجال القانون وكتبوا عنه كثيرًا في الصحف السيارة والمجلات ورأوا فيه بحق أنه طليعة مباركة من طلائع نهضة القانون والفقه بمصر، ولسنا مغالين إذا قلنا بأن مرافعات أبو هيف بك قد عبرت طريقًا كان قبلها وعر المسلك وأزاحت عن أسرار المرافعات ستارًا وأطلعت على ليلها المظلم صبحًا ونهارًا فوجد الطالب على نورها هدى، ورأى فيها رجال القانون بين شارح له ومطبق لأحكامه ضالتهم التي ظلوا ينشدونها من يوم إنشاء المحاكم بمصر.
هذا رأي رجال القانون في الطبعة الأولى، واليوم نرى بين أيدينا (الطبعة الثانية) فنجد كتابًا جديدًا.. جديدًا في حجمه جديدًا في مادته جديدًا في مواضيعه، جديدًا في المجهود العظيم الذي وفره مؤلفه الكبير على إظهاره بثوب قشيب، ولكن الذي لم يتغير في الكتاب هو ذلك الطابع المخصوص الذي تمتاز به كتابات الأستاذ (أبو هيف بك).. دقة في البحث، عمق في الفكرة، طلاوة في الأسلوب، تحرٍ في التعبير، عدم الجمود على النصوص، مجاراة الحركة التشريعية في العالم وما تؤتيه كل يوم من رأي مبتكر وفكر جديد، نظرة شاملة وعين محيطة بكليات الموضوع بحيث لا تغادر منه جزئية ولا كلية إلا بسطتها وألقت عليها من شعاع فكرها نورًا لامعًا ومن ضوء عقلها سراجًا ساطعًا.
كانت الطبعة الأولى موجزًا في المرافعات أما الطبعة الثانية فمطول يغني عن الرجوع إلى سواه، وعلم له خواصه ومميزاته عما عداه فمن مميزات الطبعة الثانية:
أولاً: تلك التعليقات الضخمة التي ذيل بها المؤلف صحائف كتابه وجمع فيها كل ما صدر من الأحكام في مسائل المرافعات خلال السنوات العشرة الأخيرة وناقشها ونقدها وعلق عليها حتى أصبح بها كتابه جامعًا لنظريات الفقهاء وآراء القضاة.
ثانيًا: ما أحدثه من التوسع في شرح كثير من أبواب الكتاب نذكر منها، نقده لنظامنا القضائي (صـ 58 -60) وشرحه نظرية الصوالح المختلطة (صـ 250) والباب الذي عقده لشرح وظائف المحاكم (صـ 394 - 400) والآراء التي علق بها على اختصاص قاضي التحضير (صـ 560) في القضايا المستعجلة وبحث مسألة استئناف أحكام قاضي التحضير (صـ 567) والأحكام الغيابية (صـ 842 - 845).
ثالثًا: ما عقده من الأبواب الجديدة كشرحه نظرية القضاء المستعجل شرحًا وافيًا (صـ 741 - 755).
رابعًا: هذا كله عدا ما ألحقه بكتابه من الفهارس العربية والإفرنجية والجداول الموضحة لمواد القوانين والإشارة إلى الصحائف الواردة فيها.
هذا ما وسعنا أن نشير إليه بعد نظرة سريعة في هذا الكتاب القيم لم نأتِ على كل محتوياته ولم نتناول كل مباحثه العديدة الجديدة التي لا يخلو منها باب من أبوابه.
وإن (المحاماة) لتدون لحضرة الدكتور أبو هيف بك فخره الخالد الباقي بوضع هذا الكتاب الذي سيظل المرجع الذي يرجع إليه الطالب والقاضي والمحامي فيجد فيه كل حاجته وطلبته، يجد فيه الطالب المادة المكونة للفكرة القانونية لديه، ويجد فيه القاضي الحل الصحيح لعويصات المسائل، ويجد فيه المحامي خير مرشد يرجع إليه في رفع دعواه وتسييرها وإدارتها.
أما المشرع فما أحوجه إلى الرجوع إلى ما فيه من ضروب النقد ومشروعات الإصلاح حتى يتطهر قانون المرافعات من عيوبه ومفاسده، وتتخلص الإجراءات في أمام الحكم من ضروب التعقيد التي تشل سير القضاء ولا يزال يجد فيها المبطل من الخصوم وسيلة لكيد لخصمه وإرهاقه عدوانًا وظلمًا.