لا يستطيع أحد أن ينكر علينا جميعا - فى مصر – وحدة الهدف نحو تنمية واستقرار بلدنا العزيز الغالى.. وليست هذه صفات لأحد دون أحد، ولكنها للناس جميعا، مسلميها ومسيحييها.. ومصر هى بلد الأمن والأمان وبلد الوحدة الوطنية، التى لا يزحزحها كائن من كان، قيد أنملة ولا تهزها ريح، مهما كانت ذروتها.
لقد أثارت أحاديث الأنبا "بيشوى"، سكرتير المجمع المقدس، شجون المصريين ونبهت الجميع إلى ضرورة الحث على دعم استقرار وحدتنا وتوحيد صفوفنا، مما أثار حفيظة مجمع البحوث الإسلامية، الذى انعقد خصيصا لهذا الأمر، ودلف بياناً عبر فيه عن تأسيه من هذه التصريحات، التى يجب ألا تخرج من مسئول رفيع المستوى بالكنسية.. مما حدا بقداسة الباب شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقصية، إلى الخروج بنفسه لوسائل الإعلام، معبراً عن رأيه، فيما أسىء فهمه.. منوها إلى أن الوحدة الوطنية تمثل قدس الأقداس للمصريين جميعاً.
لقد قبل الأزهر الشريف تصريحات قداسة الباب بارتياح شديد وهو ما أثلج صدور جميع المصريين، مسلمين ومسيحيين واعتبار ما حدث ما هو إلا زوبعة فى فنجان.. وإننا فى نقابة المحامين– قلعة الحريات– لا يسعنا إلا أن نشد على أيدى الجميع، بضرورة التكاتف القوى وراء قوة الوطن وصلابة المواطن ونضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه أن ينال من وحدة الوطن ويوقع بين بنى الوطن الواحد، مهما كانت منزلته.
إن وحدة الوطن خط أحمر لا يجب الاقتراب منه بالقول أو الفعل، لأن هذا الوطن ملك لنا جميعا، ورثناه عن أجدادنا وندخره لأبنائنا من الأجيال القادمة.. إن دماء المسلم والمسيحى التى اختلطت فى حروب عديدة من شأنها الدفاع عن مصر، الكيان والدولة.. ضمد الطبيب المسلم جراح المسيحى المقاتل ونفس العمل قام به الطبيب المسيحى.. فى حروب عديدة خاضها المصريون جميعا منذ جلاء الحملة الفرنسية عن مصر 1801 مرورا بحملة فريزر 1807 وثورة عرابى 1881 وثورة المصريين عام 1919 التى تعانق فيها الصليب مع الهلال وهللت المآذن ودقت الأجراس من أجل مصر والمصريين.. وحرب أكتوبر المجيدة التى صنعت تاريخ أمة يعيش فيها المسلمون والمسيحيون.
إننا- معشر الإخوة– الآن نبنى معركة الكفاح المسلح ضد أى محاولات تضر بمصلحة بنى الوطن والمواطن وتحاول النيل من استقرار المصريين، تحت زعم من الأقدم ومن هو الأحدث.. إن معركتنا تسمو فوق هذا بكثير وتعلو علو السماء، فى أننا قادمون على حرب اقتصادية عالمية وحرب بنية تحتية وقضية شعب تخطى الثمانين مليون، حتى لا نجوع ولا نعرى ونتفرغ لحرب كلامية جدلية لا طائل من ورائها سوى التخلف عن ركب التقدم.
إن مصر وقائدها وشعبها فى قارب واحد لا يحتمل أى محاولة للخروج عن المألوف ولا يقبل نداءات المتعصبين من الجانبين.. ويكفى حديث وزير المالية المصرى، الذى رفض مبدأ الوحدة الوطنية معللاً أننا كتلة واحدة ولسنا وحدة بين طرفين.. إن المسلمين الذين يتسابقون من أجل تهنئة إخوتهم الأقباط فى أعيادهم وكذلك الأقباط، لا يقبلون غير الوحدة نحو الهدف الأسمى.
إن المسلمين الذين قطعوا جريد نخيلهم فى جنح الظلام وسقفوا به كنائس الأقباط قبل مطلع الفجر فى صعيد مصر، لن يرضيهم أمر الصائدين فى المياه العكرة.. ويكفينا زخرا وفخرا أن أول محام تقدم الصفوف للدفاع عن الشهيدة مروة الشربينى كان قبطيا.. ويكفينا أن الزميل الأستاذ رجائى عطية هو الذى دافع عن أقباط مصر فى الصعيد فى خلاف الجوار مع المسلمين فى قضية الكشح المعروفة مطلع الألفية الثالثة.
لذا قررنا نحن فى نقابة المحامين دعوة جميع النقابات المهنية والاتحادات العالمية وقوى المجتمع المدنى وقادة الأحزاب المصرية والتكتلات السياسية وممثلى الأزهر والكنسية لنجلس معا على طاولة واحدة، مساء الخميس، الموافق 14/10/2010 تمام السابعة مساء، من أجل الاتفاق على نبذ أى خلاف قد يؤدى إلى زعزعة الأمن القومى أو المساس بالهوية العقائدية ونافخى الكير الذين يحاولون إشعال أى شظية لحرق بنى الوطن الواحد بنيران الفتنة الطائفية.
دمنا لمصر ودامت مصر لنا والله أحكم الحاكمين.
• نقيب المحامين رئيس اتحاد المحامين العرب.