فى محاولة منها للجمع بين التمسك بشعارها مع تلافى الانتقادات الموجَّهة إليها، صمّمت جماعة الإخوان المسلمين برنامجاً انتخابياً نهائياً تحت شعار "الإسلام هو الحل" ولكن مع إبراز 4 مبادئ جديدة يدعو مرشحو الجماعة فى الانتخابات المقبلة إلى تحقيقها، وهى "حرية.. عدالة.. تنمية.. ريادة"، ليخرج برنامجها هذه المرة بمضمون مختلف يعينها على مواجهة من يهاجمونها.
فبعدما أطمأنت الجماعة إلى نجاح أكثر من 80 من مرشحيها فى تقديم أوراقهم، أمس الأربعاء، لمديريات الأمن فى 18 محافظة، كشفت فى ساعة مبكرة من صباح اليوم الخميس عن برنامج مرشحيها الذى يقع فى 41 صفحة، ويتضمن معلومات عن تاريخ الجماعة فى البرلمان ورؤيتها للمشاركة السياسية، وقناعاتها بشأن التغيير والإصلاح السلمى بالنضال الدستورى والقانونى.
وأوضح البرنامج، الذى حصل "اليوم السابع" على نسخة منه، أن الجماعة تدفع فى الانتخابات القادمة بمرشحين فى مختلف التخصصات ويمثلون جميع شرائح الشعب، إضافةً إلى عدة مرشحات يمثلن المرأة المصرية بكل شرائحها إيماناً من الجماعة بأن النساء شقائق الرجال وقادرات على المشاركة الفعالة لخدمة وطنهن ودينهن كالرجال سواءً بسواء.
وفسر البرنامج فى مقدمته مدلول الكلمات الأربع "حرية..عدالة..تنمية..ريادة"، حيث ذكر أن إطلاق الحريات وتحقيق إصلاح سياسى إلى جانب تحقيق عدالة اجتماعية تحفظ الكرامة يؤسسان لتنمية حقيقية متكاملة تستعدى معها مصر الريادة التى فقدتها فى على المستويات العربى والإقليمى والدولى والإسلامى "فى ظل النظام الحالى".
فى الوقت ذاته شدد البرنامج على تمسك الجماعة بشعارها " الإسلام هو الحل"، مبرراً ذلك باتفاقه مع الدستور والقانون وأحكام القضاء وتعبيره عن هوية وثقافة وتاريخ الأمة، وتعزيزه حقوق المواطنة والعدالة بين كل أبناء الأمة.
كما استعرض البرنامج بعض أوضاع مصر التى ترى فيها الجماعة أنها متدهورة ، سواءً من حيث الفساد، أو ما سمّوه غموض مستقبل الحكم فى مصر، أو الغلاء مع الفقر مع البطالة، واتهم البرنامج النظام بـ "اغتصاب السلطة وتزوير إرادة الناخبين"، وأضاف "أمام كل هذا لا يصمت الإخوان ولا ييأسوا بل يتعاونوا مع القوى الوطنية والمستقلين لتحقيق الإصلاح".
واستعرض البرنامج "إنجازات نواب الكتلة فى دورة البرلمان المنتهية"، يليها عددٌ من الأبواب أولها "الحريات والإصلاح السياسي"، ويدعو فيه الإخوان إلى إطلاق الحريات والتعديل الدستورى وإصلاح نظام الانتخاب ورعاية المواطنة وصيانة الوحدة الوطنية، وحماية حقوق الإنسان، والتأكيد على بعض الثوابت، ومنها أن المصريين مسلمين ومسيحيين نسيج وطنى واحد متلاحم ومتكامل وهم متساوون فى كافة الحقوق وعليهم كافة الواجبات.
ويرفض الإخوان فى هذا الباب "الفتنة الطائفية" ويعتبرونها ظاهرة دخيلة على المجتمع المصرى المتماسك، مؤكدين أهمية معالجة أسبابها للقضاء عليها من جذورها، ويرفضون الاستقواء بالخارج، متهمين النظام بالضعف أمام النزعات الطائفية ومطالبين إياه بعدم التنازل طواعية عن صلاحياته الدستورية والقانونية تجاهها.
وفى باب "العدالة الاجتماعية" اعتبر البرنامج أنها ستتحقق بتوزيع عوائد النشاط الاقتصادى بعدالة وتكافؤ الفرص ورأى أن ذلك من أهم واجبات الدولة، واستعرض هذا الباب كيفية مواجهة الغلاء والقضاء على الفقر والبطالة، وتقديم الخدمات العامة الأساسية كالمرافق والتعليم والرعاية الصحية والنقل والمواصلات، وتحسين الظروف المعيشية للعمال والفلاحين، وإيجاد حلول عملية لمشكلات اجتماعية كالعنوسة وأطفال الشوارع وذوى الاحتياجات الخاصة ورفع مستوى معيشة الأسر المعيلة وزيادة دخول أصحاب المعاشات.
وفى الباب الثالث تعرض برنامج الجماعة لكيفية تحقيق التنمية الشاملة ودعا لتنبى آليات تحقيق التنمية المتكاملة بعناصرها البشرية والعمرانية والإنتاجية والاقتصادية لبناء المواطن الصالح النافع، كما دعا لتأمين الضروريات الحيوية للمجتمع وإلى توفير الاحتياجات الأساسية للمواطن من مأكل وملبس ومسكن، والخدمات الأساسية.
وركز على المرأة باعتبارها حسب البرنامج تتساوى مع الرجل فى الحقوق والواجبات العامة، وشدد على أهمية الدعم الاجتماعى للمرأة لمساعدتها على أداءِ أدوارها فى المجتمع وتعزيز المشاركة الإيجابية فى الانتخابات وعضويَّة المجالس التَّشريعية والمحليَّة المنتخبة، وتدعيم مشاركتها الواعية فى عمليَّة التَّنمية بمختلفِ جوانبها وتحقيق مطالبها الأساسية، لكن البرنامج أغفل التطرق إلى موقف الجماعة من حق المرأة فى الولاية العامة والترشح لرئاسة الدولة.
وبذات الرؤية التى قدمها برنامج مرشحى الإخوان فى انتخابات الشورى الأخيرة ، اهتم برنامج مرشحى الإخوان على مقاعد "الشعب" بالسياحة واعتبرها تحتاج استراتيجية متكاملة تجعل مصر تحتل مكان الصدارة ، وطالب بوضع خطط لحماية المناطق السياحية فى المدن المصرية القديمة، وعلى سواحل البحرين المتوسط والأحمر على أسس سياحية حديثة، إعادة صياغة المنظومة السياحية بحيث تدعم الاقتصاد والتنمية وتتوافق مع القيم الأخلاقية.
وكشف البرنامج الانتخابى للإخوان عدم معارضة الجماعة للخصخصة ، لكنه طالب بأن يكون التوجه إلى أشكال أخرى من الخصخصة أكثر جدوى ومناسَبة للاقتصاد، كخصخصة الإدارة والمشاركة ورفع كفاءة الإدارة، والبعد عن خصخصة الصناعات الاستراتيجية كالأدوية والغذاء والطاقة، مع ضرورة أن يتم التقويم العادل للأصول وبشفافية تامة، وتكون الأولوية للمستثمر الوطنى فى شراء هذه الأصول،ويتم استخدام حصيلة الخصخصة فى أنشطة استثمارية أكثر ملاءمة للاحتياجات الحالية.
واستعرض البرنامج طرق مكافحة الفساد، ومنها إصدار قانون الإفصاح وتداول المعلومات، وإعادة حق الاستجواب وحق تكوين لجان تقصى حقائق للمجالس الشعبية المحلية، وتحويل الجهاز المركزى للمحاسبات إلى محكمة محاسبات والاستفادة من التجربة الفرنسية، وكذا طرق إصلاح العجز فى الموازنة العامة وإصلاح الأجور.
وتناول برنامج الجماعة فى بابه الرابع "الريادة الإقليمية" وضرورة استعادة الدور المصرى الرائد فى محيطه العربى والإسلامى والإقليمى والعالمى وخاصة فيما يتعلق بالقضايا المركزية كالقضية الفلسطينية والعراق والسودان والعلاقات مع الدول العربية والأفريقية خصوصاً دول حوض النيل, والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي, ودول شرق آسيا، ودول أمريكا اللاتينية والاتحاد الأورومتوسطى، ومنظمة عدم الانحياز، وركز على ما أسماه أهمية استعادة دور مصر فى محيطها الإسلامى أيضاً، وضرورة توطيد العلاقات مع الدول الإسلامية وبخاصة تركيا وإيران وماليزيا، وباكستان وأندونيسيا وغيرها، ودعم وتفعيل دور منظمة المؤتمر الإسلامي.
كذلك تحدث برنامج الإخوان عن الريادة الإعلامية والثقافية والدينية ، وذلك عن دور الأزهر الشريف، ودعا لااختيار الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر بالانتخاب مع تحقيق الاستقلال المالى والإدارى للأزهر جامعًا وجامعة، واستعادة الأوقاف الإسلامية ،من خلال إصلاح البنية التَّشريعيَّة والإداريَّة التى تحكم قطاع الأوقاف فى مصر، والقضاء على الفساد فى هيئة الأوقاف، تحسين الاستثمار الاقتصادى للأوقاف.
كما تناول برنامج مرشحى الإخوان دور الكنيسة حيث وصفه بالفاعل عبر تاريخ مصر، وطالب بضرورة دعم دور الكنيسة المصريَّة فى مجال بناء قيم المجتمع وأخلاقياته، وكذلك مواجهة موجات الغزو الفكرى والأخلاقى مع تطوير حوار بنَّاءٍ وفاعل بين الكنيسة من جهةٍ وبين الأزهر الشريف وسائر المؤسسات الإسلاميَّة المدنية الأخرى.
واختتم الإخوان برنامجهم الانتخابى فى صورته النهائية بدعوة للمصريين للإصلاح وحسن اختيار من يمثلهم والمشاركة الإيجابية ، معلنين ثقتهم فى الشعب واختياراته، وينتهى البرنامج بهذه الشعارات "معا نستطيع أن ننقذ مصر"، "معا نستطيع فك قيودها وتحرير إرادتها"، "معا نستطيع صون كرامتها وتصحيح أوضاعها" "معا نستطيع استعادة دورها وتحقيق ريادتها لأننا نؤمن أن الإنسان الحر هو الذى يستطيع أن يبنى وطنا حراً..وأن اختيار الأحرار هو الذى يستطيع أن يقود إلى تصحيح الأوضاع".اليوم السابع