(13) المنازعات التي ثارت حول الشيك بمناسبة صدور قانون التجارة الجديد:
صدر قانون التجارة المصري رقم 17 لسنة 1999 صدر في 17/5/1999 ونشر بالجريدة الرسمية العدد 19 مكرراً في 17/5/1999 وتضمن في المادة الأولى منه النص على إلغاء قانون التجارة الصادرة بالأمر العالي في 13 نوفمبر سنة 19883 كما تضمنت الفقرة الثانية من المادة الأولى من قانون الإصدار النص على إلغاء المادة 337 من قانون العقوبات اعتباراً من أول أكتوبر سنة 2000 والنص على إلغاء كل حكم يتعارض مع أحكام هذا القانون.
وعلى أثر صدور هذا القانون ثار الخلاف بين المحاكم ودوائر محكمة النقض حيث انتهت بعض الدوائر الجنائية بمحكمة النقض إلى القضاء بالبراءة المتهم في جنحة إصدار شيك بدون رصيد، تأسيساً على أن القانون الجديد رقم 17 لسنة 1999 هو الأصلح للمتهم وكان من أبرز هذه الأحكام.
"ومن حيث أن البين من الأوراق أن المدعية بالحقوق المدنية أقامت الدعوى الراهنة ـ بطريق الادعاء المباشر ـ قبل الطاعن بوصف أنه أعطاها شيكاً مسحوباً على البنك الأهلي فرع قويسنا لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب، وطلبت عقابه بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدى لها مبلغ 51 جنيه على سبيل التعويض المؤقت، ومحكمة أول درجة قضت حضورياً بحبس الطاعن ستة أشهر مع الشغل وبإلزامه بأن يؤدى للمدعية بالحقوق المدنية التعويض المدني المطالب به، فاستأنف الطاعن وقضت محكمة ثاني درجة غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً، وإذ عارض الطاعن قضي في معارضته الاستئنافية بقبول المعارضة شكلاً ورفضها موضوعاً. لما كان ذلك، وكان قد صدر في 17 من مايو سنة 1999 القانون رقم 17 لسنة 1999 بإصدار قانون التجارة ونشر في الجريدة الرسمية في التاريخ ذاته ونص في الفقرة الأولى من المادة الأولى من مواد إصداره على إلغاء قانون التجارة الصادر بالأمر العالي في 13 من نوفمبر سنة 1883، عدا الفصل الأول من الباب الثاني منه والخاص بشركات الأشخاص، ويستعاض عنه بالقانون المرافق، كما نصت الفقرتين الثانية والثالثة من ذات المادة على إلغاء نص المادة 337 من قانون العقوبات من أول أكتوبر سنة 2000 وإلغاء كل حكم يتعارض مع أحكام القانون المرافق، كما نصت المادة الثالثة من مواد الإصدار على العمل بالقانون اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1999 عدا الأحكام الخاصة بالشيك فيعمل بها اعتباراً من أول أكتوبر سنة 2000 وتطبق على الشيك الصادر قبل هذا التاريخ أو تم إثبات تاريخه قبل أول أكتوبر سنة 2001 وقد استحدث القانون الجديد تنظيم أحكام الشيك بأن خصص له الفصل الثالث من الباب الرابع في المواد من 472 إلى 539 منه وذلك خلافاً لما كان عليه الحال في ظل قانون التجارة الملغي الذي خلت أحكامه كلية من تنظيم لأحكام الشيك وتكفل القضاء بتنظيمها مستلهماً في ذلك القواعد القانونية التي أفرزها العرف، وجرى قضاء هذه المحكمة على أنه في جريمة إعطاء شيك بدون رصيد لابد أن يتوافر في الشيك عناصره المقررة في القانون التجاري، وأن الشيك في حكم المادة 337 من قانون العقوبات هو الشيك المعرف عنه في القانون التجاري بأنه أداة دفع ووفاء مستحق الأداء لدى الاطلاع دائماً ويغني عن استعمال النقود في المعاملات. لما كان ذلك، وكان قانون التجارة الجديد سالف الإشارة قد نص في المادة 475 منه على أن الشيك الصادر في مصر والمستحق الوفاء فيها لا يجوز سحبه إلا على بنك، والصك المسحوب في صورة شيك على غير بنك أو المحرر على غير نماذج البنك المسحوب عليه لا يعتبر شيكاً. ومفاد النص سالف الإشارة أن القانون الجديد قد ألغى ما كان يعتد به العرف ـ من قبل ـ من جواز سحب الشيك على غير نماذج البنك المسحوب عليه. لما كان ذلك، وكان الدستور قد وضع قاعدة دستورية مطلقة في المادتين 66، 187 مفادها عدم رجعية نصوص التجريم وهو ما قننته الفقرة الأولى من المادة الخامسة من قانون العقوبات بقولها يعاقب على الجرائم بمقتضى القانون المعمول به وقت ارتكابها إلا أن المستفاد ـ بطريق مفهوم المخالفة من هذا النص الدستوري أن القوانين الجنائية الأصلح تسري على الماضي، بل أن قاعدة عدم الرجعية للقوانين الجنائية تكملها وتقوم إلى جانبها قاعدة أخرى هي قاعدة القانون الأصلح للمتهم، وأن القاعدة الأخيرة التي يرتكز عليها هذا المبدأ تفرضها المادة 41 من الدستور التي تقرر أن الحرية الشخصية حق طبيعي، وأنها مصونة لا تمس، وعلى تقرير أن هذه الرجعية ضرورة حتمية يقتضيها صون الحرية الفردية، وهو ما سجلته الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات في قولها ومع هذا إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الحكم فيه نهائيا قانون أصلح للمتهم فهو الذي يتبع دون غيره ومفاد ما سلف إيراده أن قاعدة القانون الأصلح للمتهم وأن لم ينص عليها الدستور صراحة إلا أنها ترتكز على دعامة دستورية. لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن الدستور هو القانون الوضعي الأسمى، صاحب الصدارة على ما دونه من تشريعات يجب أن تنزل عند أحكامه، فإذا ما تعارضت هذه وتلك وجب التزام أحكام الدستور وإهدار ما سواها، وكان من المقرر أيضاً أن القانون الأصلح للمتهم هو الذي ينشىء له من الناحية الموضوعية مركزاً أو وضعاً يكون أصلح له من القانون القديم بأن يلغي الجريمة المسندة إليه، أو يلغي بعض عقوباتها أو يخففها، أو يقرر وجهاً للإعفاء من المسئولية الجنائية، أو يستلزم لقيامها ركناً جديداً لم يتوافر في فعل المتهم، أو يتطلب للعقاب شرطاً أو عنصراً لم يكن لازماً في القانون القديم، أي أن القانون الأصلح هو الذي يوجد من حيث التجريم أو العقاب مركزاً أو وضعاً أصلح للمتهم على أي وجه من الوجوه، فيكون من حق المتهم في هذه الحالات ـ استمداداً من دلالة تغيير سياسة التجريم والعقاب إلى التخفف ـ أن يستفيد لصالحه من تلك النصوص الجديدة من تاريخ صدورها. لما كان ما تقدم وكان قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 على ما أفصحت عنه المادة 475 منه ـ سالفة الإشارة ـ قد أخرج الصك المسحوب في صورة شيك والمحرر على غير نماذج البنك المسحوب عليه من عداد الشيكات. لما كان ذلك، وكان شرط العقاب في قانون التجارة الجديد على إعطاء شيك بدون رصيد هو أن تتوافر في الصك المقومات الأساسية التي وضعها قانون التجارة، فإن لازم ذلك أن كل محرر لا تتوافر فيه شروط اعتباره شيكاً بهذا المفهوم تنحسر عنه الحماية الجنائية. لما كان ما تقدم، وكان البين من المفردات المضمومة أن الشيك محل الدعوى الراهنة غير محرر على نماذج البنك المسحوب عليه ومن ثم فإن القانون الجديد يكون هو الأصلح بالنسبة للطاعن في هذا المجال. لما كان ذلك. وكان الدستور في المادة 188 منه قد نص على نشر القوانين الجديدة في الجريدة الرسمية خلال أسبوعين من يوم إصدارها، ويعمل بها بعد شهر من اليوم التالي لتاريخ نشرها إلا إذا حددت لذلك ميعاداً آخر، وسواء كان سريان القانون الجديد بعد شهر من اليوم التالي لنشره أو إذا أضيف نفاذ القانون إلى أجل آخر فإن ذلك لا يغير مما هو مقرر من أن القانون الأصلح للمتهم يسري من تاريخ صدوره وليس من تاريخ العمل به وذلك أعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات إذ يكفي لكي يستفيد المتهم من القانون الجديد الأصلح له أن يكون هذا القانون قد صدر ولو كان موعد سريانه لم يحن بعد، إذ يسوغ القول باتصال التأثيم طوال الفترة من صدور القانون وتاريخ العمل به ذلك أن عدالة التشريع تأبى أن يظل الفعل مؤثماًَ حتى العمل بالقانون الجديد بعد أن أعلن الشارع بإصداره أنه أصبح فعلاً مباحاً وهي ذات الحكمة التي حدت بالمشرع إلى إصدار المادة الخامسة من قانون العقوبات، ولم تغب هذه القاعدة الأصولية عن أعضاء السلطة التشريعية فقد أفصحوا عند مناقشة مواد إصدار قانون التجارة الجديد عن أن قواعد القانون الأصلح للمتهم المقررة طبقاً للدستور وطبقاً للمادة 5 من قانون العقوبات سوف تطبق بأثر رجعي من يوم صدور القانون وليس من يوم العمل به وذلك على ما يبين من مضبطة مجلس الشعب ومن ثم فلا يغير من الأمر ـ بالنسبة لتطبيق قواعد القانون الأصلح للمتهم ـ ما نصت عليه المادة الثالثة من مواد إصدار قانون التجارة سالف الإشارة من إرجاء العمل به حتى أول أكتوبر سنة 1999 وارجاء العمل بالأحكام الخاصة بالشيك حتى أول أكتوبر سنة 2000، ذلك أنه كما سبق القول فإن قواعد القانون الأصلح للمتهم تسري فور صدور القانون وبغض النظر عن ميعاد سريانه كما لا يغير من الأمر أيضاً ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة الثالثة من مواد إصدار القانون من أنه تطبق على الشيك الصادر قبل هذا التاريخ الأحكام القانونية المعمول بها في تاريخ إصداره
لأن القول بأن قصد الشارع من هذا النص ـ إضافة إلى الأحكام القانونية المدنية ـ الأحكام الجنائية مردود بما سبق الإشارة إليه من أن قواعد القانون الأصلح للمتهم ترتكز على دعامة دستورية لا يجوز للمشرع العادي مخالفتها أو وقف سريانها ومن ثم تعين أن ينزه الشارع عن الخطأ واللغو. لما كان ذلك، وكانت المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تخول هذه المحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانون يسري على واقعة الدعوى فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وإلغاء الحكم المستأنف والحكم ببراءة الطاعن من التهمة المسندة إليه
(الطعن رقم 28107 لسنة63 ق ـ جلسة9/6/1999 لم ينشر بعد)
(الطعن رقم 7360 لسنة63 ق ـ جلسة 9/6/1999 لم ينشر بعد)
وأيضاً ما قضي به من تطبيق القانون 17 لسنة 1999 بعد تصالح الطرفين في الدعوى مما يؤدى للقضاء بالبراءة.
لما كان ذلك، وكان نص المادة 534/4 من القانون رقم 17 لسنة 1999 سالف الذكر يقرر قاعدة موضوعية من شأنها تقييد حق الدولة في العقاب مؤداها انقضاء الدعوى بالصلح بدلاً من معاقبة المتهم فإنها تسري عند توافر شروط تطبيقها على الدعوى التي لم تنته بصدور حكم بات فيها وذلك باعتبارها أصلح للمتهم، لئن كان ذلك، وكانت المادة الأولى من قانون الإصدار لهذا القانون قد نصت على أنه يلغى نص المادة 337 من قانون العقوبات اعتباراً من أول أكتوبر سنة 2000، كما يلغى كل حكم يتعارض مع أحكام القانون المرافق كما نصت المادة الثالثة على أنه ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ويعمل به اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1999 عدا الأحكام الخاصة بالشيك فيعمل بها اعتباراً من أول أكتوبر سنة 2000، وتطبق على الشيك الصادر قبل هذا التاريخ الأحكام القانونية المعمول بها في تاريخ إصداره إذا كان الثابت التاريخ أو تم إثبات تاريخه قبل أول أكتوبر سنة 2001 ولما كان القانون رقم 17 لسنة 1999 ـ بما أنشأه من مركز أصلح للمتهم ـ وإن كان قد صدر في 17 من مايو سنة 1999 ونص على العمل به في تاريخ لاحق ـ إلا أنه يعتبر من تاريخ صدوره ـ لا من تاريخ العمل به ـ القانون الأصلح طبقاً لنص المادة الخامسة من قانون العقوبات. لما كان ذلك. وكان البين من محضر جلسة 29/ 12/ 1993 أن الحاضر عن المدعي بالحق المدني ـ بتوكيل يبيح الصلح والإقرار أقر بتخالصه مع المتهم وقبضه قيمة الشيك وتنازله عن دعواه. وهو ما يعني تصالح الطرفين ومن ثم فإن المادة 534/4 من القانون رقم 17 لسنة 1999 تكون واجبة التطبيق على الدعوى. لما كان ذلك. وكانت الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تخول محكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الفصل فيه بحكم بات قانون جديد أصلح للمتهم ـ وهو الحال في الدعوى الماثلة ـ فإنه يتعين القضاء ينقض الحكم المطعون فيه وبانقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح.
(الطعن رقم 4048 لسنة 64ق جلسة 10/6/1999 لم ينشر بعد)
على أن الأمر لم يقتصر عند هذا القدر وإنما ذهبت بعض الدوائر إلى القضاء بالإدانة ومن ذلك ما قضى به:
لما كان ما تقدم، وكانت المادتان الأولى والثالثة من مواد إصدار قانون التجارة الجديد قد حددتا إلغاء المادة 337 من قانون العقوبات والعمل بأحكام الشيك الواردة بالقانون اعتباراً من أول أكتوبر سنة 2000، وأن يطبق على الشيك الصادر قبل هذا التاريخ الأحكام القانونية المعمول بها في تاريخ إصداره إذا كان ثابت التاريخ أو تم إثبات تاريخه قبل أول أكتوبر سنة 2001، وكانت عبارات الشارع في هاتين المادتين واضحة المعنى لا غموض فيها لأحكام الدستور، ومراد الشارع لا يحتمل التأويل، ولايمكن أن ينصرف إلى غير المعنى الذي قصده الشارع في أن الشيكات التي صدرت قبل أول أكتوبر سنة 2000 تظل خاضعة لأحكام المادة 337 من قانون العقوبات وكذلك الشيكات الصادرة قبل التاريخ المشار إليه وتلك التي ثبت تاريخها قبل أول أكتوبر سنة 2001 تظل هي الأخرى محكومة فيما يتعلق بالاعتداد بها كشيك بالقواعد السارية وقت إصدارها فلا تسري عليها قاعدة القانون الأصلح للمتهم ـ وهذا هو المعنى الذي قصدت إليه المادتان المشار إليهما وهو المستفاد من سياق نصيهما وعبارتيهما وهو الذي كان قائماً في ذهن الشارع حين أجرى هذا التعديل وما يجب أن يجرى عليه العمل باعتباره التفسير الصحيح للقانون ـ وهو ما أكدته المناقشات التي جرت في هذا الصدد في مجلس الشعب قبل صدور القانون ـ ولا يقدح في ذلك ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة الأولى من مواد الإصدار بإلغاء كل حكم يتعارض مع أحكامه، إذ أن أحكامه لا تنطبق إلا على الشيكات التي صدرت في التاريخ المحدد بالمادتين الأولى والثالثة من مواد إصداره فألغي تطبيق أي قانون آخر في شأنها اعتباراً من ذلك التاريخ، ومن ثم فإن جرائم إعطاء شيك لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب التي وقعت طبقاً لنص المادة 337 من قانون العقوبات، تظل قائمة خاضعة لأحكامها، حتى بعد صدور قانون التجارة الجديد، ولا يمتد إليها أحكام هذا القانون بأثر رجعي ـ حتى ولو كان أصلح للمتهم ـ لتخلف مناط إعمال هذا الأثر.
(الطعن رقم 3305 لسنة 61 ق جلسة 14/6/1999 لم ينشر بعد)
ولم يقف الأمر عند هذا الحد وإنما ذهبت أيضاً دائرة أخرى إلى قبول الدفع بعدم دستورية قانون التجارة الجديد وقف الطعن وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا.
(لما كان ذلك، وكان قد صدر في 17 من مايو سنة 1999 القانون رقم 17 لسنة 1999 بإصدار قانون التجارة ونشر في الجريدة الرسمية في التاريخ ذاته، وأوجبت الفقرة (أ) في متن الصك وكانت المادة 474 من هذا القانون قد اعتبرت الصك الخالي من هذا البيان لا يعد شيكاً، كما نص في الفقرة الثانية من المادة 475 على أنه: والصك المسحوب في صورة شيك على غير بنك أو المحرر على غير نماذج البنك المسحوب عليه لا يعتبر شيكاً، ومفاد النصوص سالفة الإشارة أن قانون التجارة الجديد قد ألغى ما كان يعتد به العرف ـ من قبل ـ من جواز سحب الشيك على غير نماذج البنك المسحوب عليه واشتراطه تدوين كلمة شيك في متن الصك ومن ثم فقد أضحى هذا الفعل ـ في ظل العمل بأحكام قانون التجارة الجديد المشار إليه ـ فعلاً غير مؤثم، وكان هذا القانون قد نص أيضاً في الفقرة أ من البند رقم 1 من المادة 534 على عقاب من أصدر شيكاً ليس له مقابل وفاء قابل للصرف بعقوبة الحبس وبغرامة لا تجاوز خمسين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين خلافاً لما كان يقرره المشرع في المادتين 336 و 337 من قانون العقوبات من تقرير عقوبة الحبس وجوباً لتلك الجريمة. لما كان ذلك وكان ما تضمنه قانون التجارة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1999 سالف الإشارة من أحكام سلف بيانها في المواد 473، 474، 475، 534 هو قانون أصلح للمتهم ـ الطاعن ـ باعتباره أنشأ له من الناحية الموضوعية مركزاً ووضعاً أصلح له من القانون القديم باستبعاده الصك المسحوب في صورة شيك والمحرر على غير نماذج البنك المسحوب عليه وخلو الصك من كلمة شيك في متنه من عداد الشيكات، ومن تقريره للجريمة عقوبة الحبس والغرامة أو إحداهما بعد أن كان يقرر لها الحبس فقط، ومن ثم يكون من حق المتهم في هاتين الحالتين ـ استمداداً من دلالة تغيير سياسة التجريم والعقاب إلى التخفف ـ أن يستفيد لصالحه من تلك النصوص الجديدة من تاريخ صدورها.
إلا أنه كان قانون التجارة المار ذكره قد نص في الفقرتين الثانية والثالثة من المادة الأولى من مواد إصداره على إلغاء نص المادة 337 من قانون العقوبات اعتباراً من أول أكتوبر سنة 2000 وإلغاء كل حكم يتعارض مع أحكام القانون المرافق، كما نصت المادة الثالثة من مواد الإصدار على العمل بالأحكام الخاصة بالشيك اعتباراً من هذا التاريخ، وأن تطبق على الشيك الصادر قبل هذا التاريخ الأحكام القانونية المعمول بها في تاريخ إصداره إذا كان ثابت التاريخ أو تم إثبات تاريخه قبل أول أكتوبر سنة 2001 وإذ كان ما أورده القانون المذكور في المادتين الأولى والثالثة من مواد إصداره على النحو المار ذكره المتضمن إلغاء العمل بالمادة 337 من قانون العقوبات اعتباراً من أول أكتوبر سنة 2000، وعلى تحديد هذا التاريخ موعداً لسريان الأحكام الخاصة بالشيك، وعلى أن يطبق على الشيك الصادر قبل هذا التاريخ الأحكام القانونية المعمول بها في تاريخ إصداره مما قد يحمل لعموم لفظه على أنه يشمل الجانب العقابي، وعلى إلغاء كل حكم يتعارض مع أحكام القانون المرافق، كل ذلك يخالف قاعدة رجعية النصوص العقابية الأصلح للمتهم وسريانها بأثر رجعي منذ صدورها على الجرائم التي ارتكبت من قبل طبقاً لما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات. لما كان ذلك وكان الدستور قد وضع قاعدة دستورية مطلقة في المادتين 66 و 187 مفادها عدم رجعية نصوص التجريم وهو ما قننته الفقرة الأولى من المادة الخامسة من قانون العقوبات بقولها: يعاقب على الجرائم بمقتضى القانون المعمول به وقت ارتكابها وهو ما يدل على أن الشارع الدستوري قد حظر الرجعية على القوانين العقابية دون أن يحظر رجعية القوانين الأصلح للمتهم، وأن هذه القاعدة التي يرتكز عليها هذا المبدأ تفرضها المادة 41 من الدستور التي تقرر أن: الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس وأن القول بغير ذلك فيه افتئات على حريات المواطنين وفيه مخالفة لصريح نص المادة 41 من الدستور سالف الإشارة، وقد استقر قضاء المحكمة الدستورية العليا على أن مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات وصوناً للحرية الشخصية بما يرد كل عدوان عليها، إلا أن هذا المبدأ لا يعمل منفرداً، بل تكمله وتقوم إلى جانبه قاعدة أخرى هي رجعية القانون الأصلح للمتهم، وهي قاعدة مؤداها إفادته من النصوص التي تمحو عن الفعل صفته الإجرامية أو تنزل بالعقوبة المفروضة جزاء على ارتكابها، إلى ما دونها، وأن مؤدى رجعية النصوص العقابية الأصلح للمتهم هو سريانها بأثر رجعي ـ ومنذ صدورها ـ على الجريمة التي ارتكبها من قبل، وذلك لانتفاء الفائدة الاجتماعية التي كان يرجى بلوغها من وراء تقرير العقوبة وتوقيعها عليه. وأنه لئن كان الدستور لا يتضمن بين أحكامها مبدأ رجعية القوانين الأصلح للمتهم، إلا أن القاعدة التي يرتكز عليها هذا المبدأ تفرضها المادة 41 منه تقرر أن الحرية الشخصية حق طبيعي، وأنها مصونة لا تمس، ذلك أن مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات وما اتصل به من عدم جواز تقرير رجعية النصوص العقابية، غايته حماية الحرية الفردية وصونها من العدوان عليها في إطار من الموازنة بين موجباتها من ناحية، وما يعتبر لازماً لحماية مصلحة الجماعة والتحوط لنظامها العام من ناحية أخرى، وفي إطار هذه الموازنة وعلى ضوئها، وتكون رجعية القوانين الأصلح للمتهم ضرورة حتمية يقتضيها صون الحرية الفردية بما يرد عنها كل قيد غدا تقريره مفتقراً إلى مصلحة اجتماعية، ويتحقق ذلك بوجه خاص حين ينتقل القانون الجديد بالفعل كلية من منطقة التجريم إلى دائرة الإباحة ـ وهي الأصل ـ مقرراً أن ما كان مؤثماً لم يعد كذلك ويتعين بالتالي ـ وكلما صدر قانون جديد يعيد الأوضاع إلى حالها قبل التجريم ـ أن ترد إلى أصحابها الحرية التي كان القانون القديم ينال منها، وأن يرتد هذا القانون بالتالي على عقبيه إعلاءً لقيم القانون الجديد، وإن قاعدة رجعية القانون الأصلح لا تخل بالنظام العام، بل هي أدعى إلى تثبيته بما يحول دون انفراط عقده، وعلى تقدير أن إعماله منذ صدوره أكفل لحقوق المواطنين المخاطبين بالقانون القديم وأصون لحرياتهم. لما كان ذلك وكان البين مما سبق إيراده أن مبدأ رجعية القانون الأصلح للمتهم الذي قررته الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات إنما يرتد إلى أصل دستوري في المادتين 41 و 66 مما لا يجوز للتشريع العادي أن يخرج على هذا المبدأ، وإذ كان ما ورد في الفقرتين الثانية والثالثة من المادة الأولى من مواد إصدار قانون التجارة الجديد رقم 17 لسنة 1999 من إرجاء إلغاء نص المادة 337 من قانون العقوبات حتى أول أكتوبر سنة 2000، وإلغاء كل حكم يتعارض مع أحكام القانون المرافق، وما نص عليه في المادة الثالثة من مواد إصداره من إرجاء العمل بالأحكام الخاصة بالشيك إلى أول أكتوبر سنة 2000، وأن تطبق على الشيك الصادر قبل هذا التاريخ الأحكام القانونية المعمول بها في تاريخ إصداره إذا كان ثابت التاريخ فيه تعطيل لمبدأ رجعية القانون الأصلح للمتهم، وكانت هذه المحكمة ترى أن ما ورد في هاتين المادتين في هذا الخصوص يكون مخالفاً للدستور، ولما كان الفصل في هذه المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطعن الماثل ويخرج عن اختصاص هذه المحكمة وإنما تختص به المحكمة الدستورية العليا ـ اختصاصاً انفرداياً استئثارياً ولا يشاركها فيه سواها ـ وذلك عملاً بنص الفقرة أولاً من المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979. لما كان ما تقدم فإنه يتعين وقف نظر الطعن الماثل وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في المسألة الدستورية سالفة البيان وذلك عملاً بالفقرة الأولى من المادة 29 والمادة 30 من قانونها سالف الإشارة.
(الطعن رقم 12996لسنة 64ق ـ جلسة28/6/1999 لم ينشر بعد)
وبعد هذه الاتجاهات عرض الأمر على الهيئة العامة للمواد الجنائية لمحكمة النقض وذلك بجلسة 10/7/1999 وذلك في الطعن رقم 9098 لسنة 64 ق حيث انتهت إلى أن: ومن حيث أنه على إثر صدور قانون التجارة المشار إليه صدرت أحكام عدة عن بعض الدوائر الجنائية بهذه المحكمة كان لكل منها منحى في مدى اعتبار نصوص هذا القانون أصلح للمتهم في شأن العقوبة عن تلك المنصوص عليها في المادة 337 م من قانون العقوبات مما أدى إلى تضاربها على نحو يوجب على الهيئة العامة حسمه وهو ما يتسع له سبب إحالة الطعن إليها. فقد ذهب الحكم الصادر في الطعن رقم 7360 لسنة 63 القضائية إلى أن المادة 475 من قانون التجارة الجديد نزعت صفة الشيك عن الصك المحرر على غير نماذج البنك المسحوب عليه. وبذلك يكون القانون الجديد قد أخرج فعل إعطاء مثل هذا الصك ـ بدون رصيد ـ من دائرة التجريم ومن ثم فهو أصلح للمتهم من القانون الذي كان يجرم هذا الفعل، وأن ما تضمنه نص المادة الثالثة من مواد إصدار القانون المشار إليه من اعتداد بهذا الصك، مثله من الصكوك التي لم تستوف الشروط المنصوص عليها بالمادة 473 من قانون
التجارة الجديد لا يصح أن يعطل تطبيق قاعدة سريان القانون الأصلح للمتهم بأثر رجعي إذ أنها ترتكز على دعامة دستورية لا يملك المشرع العادي مخالفتها. بينما ذهب حكم آخر صدر في الطعن رقم 3305 لسنة 64 القضائية إلى أن قاعدة القانون الأصلح هذه هي من وضع المشرع العادي وله أن يرسم حدود تطبيقها أو أن يعطله لمصلحة يقدرها، وأن نص الفقرة الثانية من المادة الأولى من مواد إصدار قانون العقوبات مدى من الزمان ممتداً حتى أول أكتوبر سنة 2000، فقد عطل بذلك تطبيق قاعدة القانون الأصلح على جريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد بحيث تنطبق المادة 337 المشار إليها سواء في التجريم إلا أنه في شأن العقوبة المشار إليها للمتهم مركزاً قانونياً أصلح عما نصت عليه المادة 337 من قانون العقوبات، حين أجاز الحكم على مرتكبها بعقوبة الغرامة وحدها بعد أن كان معاقبا عليها بالحبس وجوباً، كما رتب على الصلح بين المجني عليه والمتهم انقضاء الدعوى الجنائية مما يتعين معه تطبيق أحكامه في هذا الصدد أعمالاً للفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات.
وحيث أنه من المقرر أن مقتضى قاعدة شرعية الجريمة والعقاب أن القانون الجنائي بحكم ما يقع في ظله من جرائم إلى أن تزول عنه القوة الملزمة الخامسة من قانون العقوبات، بنصها على أن يعاقب على الجرائم بمقتضى القانون المعمول به وقت ارتكابها وما أوردته المادة المشار إليها في فقرتها الثانية من أنه ومع هذا إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الحكم فيه نهائياً قانون أصلح للمتهم فهو الذي يتبع دون غيره إنما هو استثناء من الأصل العام يؤخذ في تفسيره بالتضييق ويدور وجودا وعدما مع العلة التي دعت إلى تقريره لأن المرجع في فض التنازع بين القوانين من حيث الزمان هو قصد الشارع الذي لا تجوز مصادرته فيه. لما كان ذلك، وكان يبين من سياق ما استحدثه قانون التجارة الجديد في شأن الشيك أن المشرع حين وضع قواعد شكلية وموضوعية محكمة لهذه الورقة التجارية لم يقصد أن ينفى عن الشيكات التي صدرت قبل العمل بأحكامه هذه الصفة لمجرد مخالفتها للقواعد التي استحدثها، بل اعتد بتلك الشيكات متى استوفت شرائطها وفقاً للقواعد القانونية السارية وقت إصدارها، وعمد إلى تأكيد سلامتها وصحتها، فقد نص في الفقرة الثانية من المادة الثالثة من مواد الإصدار على أنه تطبق على الشيك الصادر قبل هذا التاريخ الأحكام القانونية المعمول بها في تاريخ إصداره، إذا كان ثابت التاريخ أو تم إثبات تاريخه قبل أول أكتوبر سنة 2001 ومن ثم فإنه متى اعتبرت الورقة شيكاً طبقاً للقانون الساري قبل نفاذ نصوص الفصل الخاص بأحكام الشيك في قانون التجارة الجديد ـ وذلك طبقاً لما نصت عليه صراحة الفقرة الثانية من المادة الثالثة من مواد الإصدار ـ فإن إعطاءه دون أن يكون له رصيد قائم وقابل للسحب يشكل فعلاً مجرماً. ولا محل بالتالي لاعتبار ما نصت عليه المواد 473 و 474 و 475 من قانون التجارة الجديد في شأن تحديد شكل الشيك وبياناته من قبيل القانون الأصلح للمتهم، إذ يكتمل حكمها بما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة الثالثة المار ذكرها. لما كان ما تقدم، فإنه الهيئة العامة تنتهي ـ بالأغلبية المنصوص عليها في المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية ـ إلى العدول عن المبدأ الذي قرره الحكم الصادر في الطعن رقم 7360 لسنة 63 القضائية.
وحيث أن الفقرة الثانية من المادة الأولى من مواد إصدار قانون التجارة تنص على أن يلغي نص المادة 337 من قانون العقوبات، التي تنص على جريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب، اعتباراً من أول أكتوبر سنة 2000 كما نصت الفقرة الأولى من المادة الثالثة من مواد الإصدار على أن يعمل بالأحكام الخاصة بالشيك ـ بما في ذلك المادة 534 من قانون التجارة والتي نصت على ذات الجريمة ـ اعتباراً من أول أكتوبر سنة 2000،.ومفاد ذلك أن إلغاء نص المادة 337 من قانون العقوبات لا يكون إلا في تاريخ نفاذ نص المادة 534 المار ذكرها، حتى يتواصل تجريم إعطاء شيك لا يقابله رصيد، فلا يفصل بين نفاذ إلغاء المادة 337 من قانون العقوبات ونفاذ تطبيق المادة 534 من قانون التجارة فترة زمنية. إذ أن المشرع لو ألغى نص قانون التجارة ـ لأصبح إعطاء شيك لا يقابله رصيد فعلاً مباحاً منذ هذا التاريخ وحتى تاريخ نفاذ المادة 534 من قانون التجارة في أول أكتوبر سنة 2000 مع ما يترتب على هذا من إباحة الفعل بأثر رجعي أعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات وهو ما قصد المشرع حين جعل تاريخ نفاذ المادة 534 من قانون التجارة هو ذات تاريخ إلغاء المادة 337 من قانون العقوبات. ومن ثم لم يكن في قصد الشارع البتة المصادرة على تطبيق قاعدة القانون الأصلح للمتهم في شأن العقاب وآية ذلك أنه يبين من مراجعة الأعمال التحضيرية لقانون التجارة الجديد أن مشروع القانون كان يتضمن النص في المادة الأولى من مواد الإصدار على أن يلغي قانون التجارة الصادر بالأمر العالي في 13 من نوفمبر سنة 1883. ويلغي نص المادة 337 من قانون العقوبات وكذلك كل نص يتعارض مع أحكام هذا القانون بعد سنة من اليوم التالي لتاريخ نشره، ثم رُئي ـ بناء على اقتراح الحكومة ـ تنظيم أحكام الفترة الانتقالية بين صدور القانون الجديد وبين العمل به بإفساح الأجل حتى أول أكتوبر سنة 1999 عدا النصوص المتعلقة بالشيك فيؤجل العمل بها حتى أول أكتوبر سنة 2000 وبالضرورة إرجاء إلغاء نص المادة 337 من قانون العقوبات حتى تاريخ العمل بهذه النصوص الأخيرة كي يتواصل تجريم إعطاء شيك بدون رصيد. لما كان ذلك. وكان من المقرر أن القانون الجنائي يحكم ما يقع في ظله من جرائم إلى أن تزول عنه القوة الملزمة بقانون لاحق ينسخ أحكامه إلا إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الحكم فيه نهائياً قانوناً أصلح للمتهم فهو الذي يتبع دون غيره، فإن المادة 337 من قانون العقوبات تكون واجبة التطبيق على الوقائع التي تحدث حتى زوال القوة الملزمة عنها إلا فيما نصت عليه المادة 534 من قانون التجارة من جواز توقيع عقوبة الغرامة على الجاني خلافاً لما نصت عليه المادة 337 من قانون العقوبات من وجوب توقيع الحبس وكذلك فيما نصت عليه من انقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح بحسبان أن كلا الأمرين ينشىء مركزاً قانونياً أصلح للمتهم، ومن ثم تعد في هذا الصدد قانوناً أصلح للمتهم تطبق من تاريخ صدورها طبقاً للفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات. لما كان ما تقدم، فإن الهيئة العامة تنتهي أيضاً ـ بالأغلبية سالفة الذكر ـ إلى العدول عن الحكم الصادر في الطعن رقم 3305 لسنة 64 القضائية فيما أورده في شأن وجوب توقيع عقوبة الحبس على خلاف هذا النظر.
ومن حيث أن الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية قد خولت هذه الهيئة الفصل في الطعن المحال إليها.
ومن حيث أن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون. ومن حيث أن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد قد شابه القصور في التسبيب ذلك بأنه خلا من بيان أسباب قضائه بالإدانة.
وحيث أنه لما كانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة صحة التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم وإلا كان قاصراً. وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد خلا من بيان الواقعة التي دان الطاعن بها وأطلق القول بثبوت التهمة في حق الطاعن دون أن يورد الدليل على ذلك فإنه يكون قاصر البيان مما يوجب نقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث الوجه الآخر من الطعن. وحتى تتاح للطاعن فرصة محاكمته في ظل المادة 534 من قانون التجارة باعتبارها أصلح للمتهم في شأن توقيع عقوبة الحبس أو الغرامة وانقضاء الدعوى بالتصالح.