مع دخول مصر، ربيع الحرية وانقشاع خريف الاستبداد، يظل السؤال الأول في امتحان الديموقراطية هو الدستور المصري والمحاولات التي تتم الأن لإصلاحه والوقوف علي أهم المواد التي هي في امس الحاجة الي التعديل كتمهيد لإحلاله بالكامل في مرحلة تالية، وذلك بعد قرار المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتعليق الدستور وحل مجلسي الشعب والشورى، متعهدا بضمان إجراء انتخابات ديمقراطية.
والسؤال ..ماذا نريد من هذ الدستور وهل نحتاج دستورا جديدا أم أن التعديلات المقترحة على بعض مواده كافيه لتسيير المركب مؤقتا حتى انتخاب رئيس جديد.
في البداية أكد المستشار أحمد مكي نائب رئيس محكمة النقض "أن الدستور غير صالح للبقاء، ولا يكفي مجرد أجراء تعديلات جزئية عليه ، ولكن الأهم أن تعبر هذه الإجراءات الدستورية عن الإرادة الشعبية ، وهذا لا يمكن تحقيقه عن طرق تخصيص لجنة منوطة بهذه التعديلات ثم طرح هذه التعديلات للاستفتاء العام ، نتيجة عدم اختيار هذه اللجنة على أساس انتخابي يمثل جميع الاطياف السياسية ، علاوة علي صعوبة طرحها للاستفتاء العام في ظل تعقيد وتعدد هذه المواد الدستورية .
وأوضح مكي: أن السبيل الوحيد لتمثيل هذه الإرادة الشعبية هي عن طريق النظام البرلماني، وهي الجهة المختصة بأجراء هذه التعديلات، وأجراء استفتاء بين أعضاءه باعتباره الممثل الحقيقي عن الشعب، بينما يقتصر دور اللجنة الدستورية في صياغة هذه التعديلات في شكل قانوني.
وحول تقليص صلاحيات الرئيس القادم، أقترح مكي أن يتم تعين نائب الرئيس بالانتخاب وليس عن طريق رئيس الجمهورية، وأن تكون الانتخابات التشريعية علانية للعالم كله، لتكتسب المصداقية اللازمة، وتجريد الرئيس من صلاحية حل البرلمان الا في نهاية الفترة الرئاسية ، ومع وجود نظام حزبي قوي قادر علي المنافسة ولدية تمثل شعبي يمكن تفعيل نظام القائمة النسيبة في الانتخابات ، وضع كوته للأقباط ، وألا يتم تعين الوزراء إلا بعد موافقه برلمانية.
وقال محمود الخضيري نائب رئيس محكمة النقض أنه لا يستطيع الكلام الآن عن إعداد دستور جديد للبلاد ،فضلا عن ضرورة تحقيق الاستقرار والامان لمصر أولا ،ونكتفي بإجراء التعديلات الدستورية المطروحة من قبل اللجنة الدستورية لان اعداد دستور جديد سوف يأخذ المزيد من الشهور بل سنوات لإعداده.
وحول فكرة أن يستمد الدستور المصري مواده من الدستور الفرنسي ،قال الخضيري: لا يمكن تطبيق الدستور الفرنسي ولا حتي التأثر به لان احوال المنطقة العربية مختلفة تماماً عن الدول الاوربية بل يمكن النظر اليه فقط ".
ويوضح الخضيري : ان فترة الرئاسة يجب أن تكون لمدة 5 سنوات ،ويمكن تجديدها لدورتين "فهذه مدة كافية" على حد قوله ،حيث ان الرئاسة في فرنسا وامريكا أربع سنوات فقط، ونحن ليس أفضل منهم".
كما أكد ان المادة 2 لا يأتي عليها أي خلافات و اللجنة الدستورية ستراعي هذا تجنباً للفتنة الطائفية.
ومن جانبه يقول الدكتور حسن نافعة ، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة ان المرحلة الحالية تتسم بنوع من الغموض و عدم الوضوح في إدارة المرحلة الانتقالية، وخاصة فيما يتعلق بتحديد 6 أشهر لتعديل الدستور وأجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، وهذه مدة غير كافية لأجراء مرحلة انتقالية ، منوها الي أن التمسك بالدستور الحالي والاكتفاء بأجراء تعديلات عليه كلها محاولات جزئية لا تؤدي الي النتيجة المطلوبة للديمقراطية.
ويري نافعة: أن الخطوة التي أتخذها المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتشكيل لجنة برئاسة طارق البشري، وهو شخصية محترمة وموثوق فيها، لتعديل الدستور، يشوبها عدم الدستورية ، في ظل عدم وجود مجلس برلماني للموافقة علي هذه التعديلات، مشيرا أنه يجب تعديل كل المواد الخاصة بالسلطات الثلاث ، للفصل وضبط العلاقة بين السلطة التشريعية والقضائية والتنفيذية ، بشكل لا يسمح بوجود رئيس لدية القابلية للاستبداد.
ويقترح نافعة : أن يُستمد من دستور 54 بعد تنقيحه ببعض التعديلات لكي يتوافق مع الوضع السياسي الحالي دون الحاجة الي الاعتماد علي الدساتير الدولية الا كمراجع دستورية، وفي النهاية يجب أن يسمح الدستور الجديد للشعب المصري للتدخل لضبط الموازنات والتوازنات التي تمنع أي قوي سياسية من احتكار أو فرض نظام سياسي غير ديمقراطي.
ويري حافظ ابو سعده رئيس المنظمة المصرية لحقوق الانسان، ضرورة تغيير الدستور بشكل كامل ويعاد النظر فيه برؤية شاملة خاصة المواد المختصة بالتشريعات البرلمانية والرئاسية، ولكن في هذه الاثناء لابد من تعديل بعض المواد بالدستور المصري حتي يتم اجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية ،ثم يتم اعداد دستوراً جديداً للبلاد.
كما اقترح ابو سعده ،اجراء تعديلات على المواد الستة المعروفة بالإضافة الى مادة 75 التي تنص على شروط الشخص المتقدم لمنصب رئيس الجمهورية، لان لابد ان يجوز لأي شخص مصري يتقدم للرئاسة دون تمييز بين شخص وآخر وعدم تطبيقه ايضا على احد رجال الحزب الوطني الديمقراطي مثلما كان يحدث.
وقال أن فكرة تقليص صلاحيات الرئيس الجديد سوف تتكون من خلال الدستور الجديد الذى سيمنح الرئيس صلاحيات محددة ، كما أننا ليس لنا علاقة بالدساتير الأخرى الموجودة أمامنا ونكتفي بإجراء تعديلات وبناء دستور جديد لمصر ،لان كل دولة ولها ظروفها الخاصة ".
والدستور الجديد سوف يعطى صلاحيات للمواطنين كافة دون تطبيقه لأحزاب وجماعات معينة.
وطالب أبو سعده بان تكون مدة الرئاسة أربع سنوات وله حق التمديد لدورتين فقط، حتى يستطيع الشعب اختيار من بعده خاصة اننا دائما نبحث عن التغيير وهذا ما يحدث في الدول الكبرى في ظل الانتخابات الرئاسية.
وحول المادة 2 من الدستور التي تنص على ان الاسلام الدين الرسمي للدولة، قال ابو سعده ان الدولة لا يهمها ديانات والمواطنين لن يتعاملون بمواد دستورية ،فوجدنا الشيخ والبابا معا في مظاهرات 25 يناير دون تفرقة من أحد ولكن لابد على اللجنة الدستورية تجنب المادة لعدم احداث فتنة طائفية بين الشعب المصري.
ومن جانبه رفض عصام العريان عضو مجلس الارشاد لجماعة الإخوان المسلمين التعليق علي التعديلات الدستورية التي تقوم بها اللجنة المخصصة لذلك ، قائلا " يوجد للجنة متحدث رسمي ،هو الوحيد المختص للحديث في هذا الشأن ، علاوة علي أن هناك عضو أخواني في هذه اللجنة لنقل رؤية الإخوان في هذا الشأن "