تفاوتت نسب استجابة المحامين، أمس، لدعوة الإضراب التى أطلقتها نقابتهم العامة، احتجاجاً على محاكمة زميلين لهم فى الغربية، اليوم، بتهمة الاعتداء على مدير نيابة قسم ثان طنطا.
الإضراب نجح فى جميع المحافظات بنسب متفاوتة، وصلت فى محاكم الجنايات بالقاهرة إلى أكثر من ٥٠%، وفى الغربية إلى ١٠٠%.
المواجهة الحالية بين طرفي العدالة .. المحاماة والقضاء أو القضاء الجالس والقضاء الواقف فتحت الباب للتساؤل ..لماذا وصلت العلاقة بين الطرفين الي هذه الدرجة ؟! وماهي حدود العلاقة بينهما.. متي تبدأ ومتي تنتهي ؟!
تحقيقات "الأهرام" تدق ناقوس الخطر حتي لا تكون الضحية هي العدالة، ويكون المواطن هو من يدفع الثمن باعتباره المتضررالأول من الإضراب الجاري ومن أي خلل يطرأ على تلك العلاقة
المستشار أحمد الزند رئيس نادي القضاة يؤكد ضرورة الاحترام المتبادل بين المحامين والقضاة, والتعاون البناء بينهما, وان يقدر كل طرف ظروف الطرف الآخر, وأنه بدون التعاون سيكون مسار العلاقة غير طيب, ولن يؤدي الي نتائج إيجابية ولم ينكر رئيس نادي القضاة بأنه ليس مع طرف ضد طرف وأنه لن يدافع عن طرف إلا بالحق وأن ماحدث واقعة فردية وجهات التحقيق تولت الاجراءات وأن المحكمة ستفصل في النهاية لكشف الحقيقة.
أما فيما يتعلق بالاطار الذي يحكم العلاقة بين الطرفين فيري ان الحوار بين نقابة المحامين وبين نادي القضاة قد اختفي منذ فترة طويلة, وأنه لابد من فتح حوار بين النادي ممثلا للقضاة وبين النقابة ممثلة للمحامين لمعالجة الظاهرة وتفادي الأسباب والتأكيد علي الثوابت الحقيقية في التعامل بين الطرفين.
حمدي خليفة نقيب المحامين يري أن ما حدث سابقة خطيرة لكنها خطأ مشترك بين الطرفين, وأنه ممثلا عن نقابة المحامين لا يقر هذا الخطأ, وأنه إذا كانت هذه الواقعة بمثابة تصرفات فردية فلا النيابة مسئولة عنها, ولا المحاماة أيضا, وأنه نظرا لأن الطرفين بمثابة وجهين لعملة واحدة اسمها العدالة, فيجب أن تتم معالجة هذا الخطأ بحكمة حفاظا علي الصورة المشرقة للعدالة والتي يمثل جناحيها القضاء والمحاماة, والتي يسجلها التاريخ عبر سنوات طويلة, ولم ينكر خليفة أنه يبذل قصاري جهده ويجري اتصالات مع النائب العام للوصول إلي صيغة مناسبة تعالج المشكلة.
في السياق ذاته ـ يري د. شوقي السيد أستاذ القانون الدستوري وعضو مجلس الشوري أن المادة الأولي من قانون المحاماة تنص علي أن المحامين شركاء السلطة القضائية في تحقيق العدالة والمشروعية وإقامة العدل بين الناس لكن العلاقة بين الطرفين تحتاج لتنمية وتدريب وتعميق للثقافة التي ينص عليها هذا القانون بحيث لا يكون هناك حذر في التعامل بينهما.
كما أن هناك نصوصا في قانون الإجراء تؤكد أن حضور الدفاع ضروري وحتمي, لدرجة أنه في حالة عدم وجود محام فإن النيابة تنتدب محاميا لاسيما أن حق الدفاع حق أصيل في الدستور ولا تكتمل أركان العدالة إلا بوجوده.
غير أن هناك تصرفات فردية من غير إدراك بين المحامين وتتطلب تدخل المسئولين للحد منها, وإيقافها..
من ناحية أخري, يؤكد خالد أبو كريشة عضو مجلس نقابة المحامين أن طرق معالجة ما ينشأ بين الطرفين من مشاكل يؤدي إلي المزيد من الوقائع.
ويوضح أبو كريشة أن جميع القوانين الإجرائية توضح أسلوب التعامل بين المحامي والهيئة القضائية بشكل مباشر, حيث العلاقة ليست مجرد قضية واحدة تبدأ وتنتهي ولكن العلاقة بينهما تبدأ منذ حلف اليمين وتنتهي بنهاية حياته المهنية.
العودة إلي أعلي تعددت الوقائع والخطر واحدمن المؤكد ان هذه الواقعة ليست الأولي ولن تكون الأخيرة لكن آليات التعامل في فض هذا الاشتباك تختلف أحيانا فهاهي حكاية تعود الي ثلاثينيات القرن الماضي عندما دخل مكرم عبيد نقيب المحامين الأسبق في صدام مع أحد رؤساء الدوائر القضائية وكانت النتيجة أن حكومة عبد الفتاح يحيي في عهد الملك فؤاد أصدرت قرارا بحل مجلس نقابة المحامين وظلت الأمور في حالة توتر مستمر حتي استقالة الحكومة وإلغاء دستور1930 وتم إبطال الاجراءات المتخذة ضد النقابة.
تعددت الوقائع وتباينت تفاصيلها لكن حتي ننتبه للخطر فلابد أن نواصل ذكر نماذج من الوقائع المشابهة.. ففي مايو2005 أصدرت محكمة جنح بني سويف حكما بمعاقبة محام بالحبس ستة أشهر وكفالة عشرة آلاف جنيه بعد دخوله في اشتباك مع وكيل نيابة بني سويف أثناء تأدية عمله.
ومن عام لآخر نتوفف عند شهر أكتوبر عام2006 لنقرأ واقعة محام يسب الهيئة القضائية بالجيزة وتأمر النيابة بحبسه أربعة أيام علي ذمة التحقيق.
لم يمض بعد هذه الواقعة ثلاثة أشهر حتي فوجئنا في يناير عام2007 بأن محكمة جنايات الاسكندرية تقضي ببراءة محامين من تهمة احتجاز هيئة محكمة سيدي جابر والحبس سنة مع الشغل لسب واحتجاز رئيس الهيئة داخل غرفة المداولة وقضت بغرامة ثلاثة آلاف جنيه.
أما الواقعتان الأشهر فقد شهدهما هذا العام ففي يناير2010 حاصر أكثر من500 محام مكاتب أعضاء النيابة العامة بمركز إيتاي البارود بالبحيرة بسبب احتكاك محام بوكيل نيابة, وفي مارس2010 فقد عشنا مشهدا تجمع فيه أكثر من مائة محام أمام محكمة بولاق احتجاجا علي تقديم رئيس المحكمة مذكرة ضد أحد المحامين لتعطيل الجلسة عندما طلب المحامي من رئيس المحكمة الاطلاع علي قائمة المنقولات الخاصة بموكله وإثبات حضوره في الجلسة إلا أن رئيس المحكمة أخبره بأن هذا يحدث في آخر الجلسة الأمر الذي أدي الي مشادة كلامية بين الطرفين. نقلا عن صحيفة الاهرام