نلقى بمسئولية تكرار أحداث العنف تجاه رجال القضاء على عاتق بعض المحامين ممن اعتادوا حسب تقديرك انتهاج هذا السلوك؟ دلف المحامون إلى اتباع سلوك غريب على ساحة العدالة.
المستشار أحمد الزند رئيس نادى القضاة
سلوك لم نكن نعهده من قبل وبرغم إيماني بأن القاعدة العريضة من المحامين تتمتع بقيم اخلاقية ومباديء سوية.. إلا أن هناك قلة استطاعت ارتداء معطف المحاماة وتسللت الي ساحة العدالة ولديها إيمان راسخ بأن العنف الوسيلة القاضية للحصول علي الحقوق.. هكذا شبه لهم. نسوا عن قصد أن مهنة المحاماة تؤمن بالشرعية وسيادة القانون.. هذه القلة الشاردة تسعي لتشويه صورة المحاماة ودورها في إرساء القانون ويعلمون تماما خطورة ما يقومون به.
تعتقد أن سياسة ترضية الخواطر في خلافات المحامين ورجال القضاء أدت الي تفاقم الأزمات؟
أثبت الواقع أن علاج الخلافات التي كانت تنشب بين المحامين ورجال القضاء علي النحو الذي كان سائدا لم تكن وسيلة صائبة.. بل ساعدت علي التمادي في الخطأ وشيوعه واقرار واقع يعمل علي شيوع مناخ الفوضي في ساحة القضاء. سياسة ترضية الخواطر لم تكن ناجمة عن ضعف وانما حرص علي وجود علاقة طيبة بين المحامين ورجال القضاء.. لكن علي ما يبدو تصور ضعاف النفوس أن رجال القضاء عجينة سائغة. لو حدثت وقفة رادعة تجاه كل محام تجاوز في حق رجال القضاء ما كانت تطورت الأمور وساعدت علي تكرار التجاوزات في حق رجال القضاء.
لديك اعتقاد راسخ بأن نقابة المحامين تراخت خلال الفترة الماضية في التعامل بحزم مع تلك الأفعال؟
في الماضي تحلت نقابة المحامين بقيم ومعايير واضحة في التعامل مع مثل هذه الوقائع ولم تكن تعطي أدني فرصة لأي من أعضائها الخروج علي مقتضيات واجبه ومن تسول له نفسه يقع تحت طائلة القانون وتحيله لمجلس التأديب. ولا تألوا جهدا في تطويق الخلاف والحيلولة دون امتداده واكتسابه صفة العمومية. ما يحدث الآن يدفعني لأضع علامات استفهام كثيرة, قلة قليلة لا تقوي النقابة علي ردعها والزامها احترام أواصر العلاقة مع رجال القضاء ولو كانت النقابة علي عهدها ما تفاقمت حدة الخلاف ووصلت الي هذا المنعطف الخطير.
تتحامل علي المحامين دون اشراك رجال القضاء المسئولية في تلك الأحداث وكأنهم لا يخطئون؟
رجال القضاء لا ينتهجون سلوكا غير مسئول ويبادرون بافتعال أزمة ويجتمعون لأجلها في صورة تدعو للاستغراب, رجال القضاء لديهم مسئولية محددة واطار وقواعد يعملون دون الخروج عليها أو تجاهلها. ما يحدث من المحامين في مثل هذه المواقف شيء يدعو للخجل وكأن هناك حادثا أليما قد أصاب الوطن.. نحن ازاء واقعة كثيرا ما تحدث في أي وقت وفي كل مكان وبين مختلف الناس علي انتماءاتهم وعلاجها لابد أن يأخذ شكلا حضاريا يسوده الود والحوار. لا ألقي اللوم علي المحامين وحدهم وانما يشاركهم رجال القضاء المسئولية.. فهم في النهاية بشر يصيبون ويخطئون وعندما يرتكب أحد منهم خطأ يوقع عليه أقصي عقوبة ممكنة وكيل نيابة ايتاي البارود خير شاهد علي تمسك القضاء بمحاسبة أعضائه في حالة ارتكابه ما يخالف القانون.
كلامك يضع كامل المسئولية علي عاتق نقيب المحامين تجاه الخلل في علاقة رجال القضاء والمحامين؟
ألتمس لحمدي خليفة العذر في موقفه.. فقد حاصروه بتيار قوي لا يستطيع مواجهته.. ولست ألقي علي عاتقه كل المسئولية.. فلديه واجب عليه آداءه وارضاء أطراف الصراع.. لعن الله الانتخابات التي تدفع الناس الي مناطق خلاف لا منطق ولا بصيرة فيها. حمدي خليفة لا يملك موقفا آخر غير الذي اتخذه برغم قناعته الكاملة بأن هناك تجاوزات متعمدة من المحامين تجاه رجال القضاء ـ وإلا انقلب عليه أعضاء نقابة المحامين وأطاحوا به.
نقيب المحامين ينتقد موقفك المتشدد تجاه الأزمة كونك تسعي إلي القصاص من المحامين؟
نقيب المحامين يريد من رجال القضاء التسامح والتفريط في الحقوق أبد الدهر.. دون وقفة نعيد فيها الأمور إلي نصابها الحقيقي.
لقد قبلنا الاعتذار مرارا وتكرارا وحمدي خليفة يعلم علم اليقين بأن هناك في الفترة الأخيرة أكثر من مائة واقعة تعد علي رجال القضاء بصورة سافرة تدعو إلي التخلي عن قبول سياسة ترضية الخواطر والتمسك بتطبيق القانون وليس أحد فوق القانون.
نقيب المحامين اتخذ موقفه تجاه واقعة التعدي الأخيرة وهو يعلم أنه لا يستند لحقيقة تثبت خطأ وكيل النيابة.. كنت أريده أن يأخذ موقفا يرسي دعائم العدالة بغض النظر عن كونه نقيبا للمحامين ولو كان وكيل النيابة علي خطأ لانزلنا عليه العقاب ووقفت بجانب المحامين.
ألا تجد تغييبا للقواعد المتعارف عليها في معالجة نقابة المحامين للأزمة؟
ما نشاهده يقضي القول بأن النهج الذي سلكته نقابة المحامين في التعامل مع الأزمة, غير منطقي ويعتمد علي الاثارة ويعرض الأمن والسلم إلي الوقوف علي حافة الهاوية ويحدث أزمة تغلق كل نوافذ الحوار.
إصرار نادي القضاة علي تقديم المحامين للمحاكمة يزيد حدة الصراع ويؤجج المشاعر بين الطرفين؟
أعود مؤكدا أن عهد التسامح انقضي ونطبق القاعدة القانونية التي تقضي بعقاب المخطيء اذا ارتكب مخالفة للقانون ونحن قدمناهم للمحاكمة بتهم بسيطة لا تعبر عن حقيقة ما فعلوه.. فهناك جرائم أمن دولة واتلاف مال عام في سابقة لم تحدث داخل مواقع عمل رجال القضاء ولم نستطع انزال العقاب بهم للقصور الأمني السائد داخل ساحات القضاء وكونه لا يوفر مظلة حماية كافية. لن نترك رجال القضاء عرضة لضياع هيبتهم تحت مسمي التسامح.. فنحن تسامحنا كثيرا والواقع يزداد سوءا.
في تقديرك المشاحنات التي تصدر من بعض المحامين تقضي بإنشاء شرطة متخصصة للقضاء علي حد قولك؟
علينا أن نقر واقعا ونعترف به بأن مظلة الحماية المتوافرة لرجال القضاء غير كافية وساهمت الي حد كبير في شيوع مثل هذه الاحداث والعالم كله يوفر الحماية الكافية لهم ويتعين علي الدولة تحقيق هذا المطلب الذي يعبر عن جموع القضاة بإنشاء شرطة لحمايتهم.
نقيب المحامين لديه طلب محدد بشأن اخضاع المحامين للحصانة علي غرار ما يتمتع به القضاة ما مدي مشروعية مطلبه؟
بالتأكيد ان ما يطلبه لا يخرج عن كونه احلاما.. لا يقبلها الواقع والقانون.. فالنقيب يعلم تماما بأن مطلبه لم يعرفه العالم ولم يقره قانون النقابة الذي ينص في مادته الأولي علي أنها مهنة حرة وبالتالي لا يخضع لاحكام القانون في هذا الشأن.
نحن بصدد صناعة المستحيل الذي لن يتحقق ولا حتي يوم القيامة
ا