صدر هذا القانون عام 1902م، وهو ينظم الأحوال الشخصية للأقباط الإنجيليين بجمهورية مصر العربية، وهو ملزم لجميع المذاهب الإنجيلية في مصر وهي 16 مذهبًا إنجيليا في مصر، تضم تحت لوائها أكثر من 1200 كنيسة إنجيلية في مصر، يتبعها أكثر من مليون مصري إنجيلي. يتكون هذا القانون من 107 مواد تتناول أحكام وقواعد: الخطبة، والزواج، والمفارقة، والطلاق، والرضاعة، والحضانة، والنفقة، وولاية الأبوين، وتنصيب الأوصياء، وواجبات الوصي، والميراث، والوصية، والحجر، والقيم ووجاباته.
جاء في المادة الأولي من القانون حول نطاق تطبيق القانون: المادة 1: «يسري هذا القانون علي الإنجيليين الوطنيين في الديار المصرية ويعمل به مجلس الطائفة العمومي في كافة المسائل التي يكون فيها جميع ذوي الشأن إنجيليين وطنيين».
والزواج في مفهوم القانون هو كما جاء في مادة 6: «الزواج هو اقتران رجل واحد بإمرأة واحدة اقترانًا شرعيا مدي حياة الزوجين». وفي المادة 8: «لا يكون الزواج صحيحًا إلا إذا عُقِدَ بين ذكر وأنثي كاملي الأعضاء والقوة التي تؤهلهما للزواج الفعلي» وفي المادة 9: «لا يجوز أنْ يعقد الزواج إلا بعد الرضا بالإيجاب والقبول بين الزوجين».
وفي المادة 12 جاء عن من يقوم بمراسم الزواج: «لا يعقد إكليل الزواج إلا القسوس المرتسمون قانونًا أو مرشدو الكنائس الإنجيلية الذين يمنح لهم المجلس العمومي الرخصة بذلك». وقد حدَّد القانون المعمول به حتي يومنا هذا في المادة 7 درجات القرابة المحرمة للزواج وقد حددها في 29 درجة قرابة محرم الزواج منها وهي مكتوبة حصرًا في القانون وهي المحددة قانونًا بدرجات القرابة وإن علا ودرجات القرابة وإن نزل. وقد أجريت بعض من التعديلات في جزئية خاصة حسب قرار المجلس الملي الإنجيلي العام بتاريخ 5 يوليو سنة 1934 بالتصريح بزواج أخت الزوجة المتوفاه.
الزواج في قانون الأحوال الشخصية للأقباط الإنجيليين هو القاعدة أما الطلاق فهو الاستثناء، واشتمل القانون علي أمرين: المفارقة والطلاق.
المفارقة مادة 14: «المفارقة هي تباعد الزوجين عن بعضهما بسبب تنافر بينهما وتزول المفارقة بالمصالحة بينهما». المادة 15 تتحدث عن تفاصيل المفارقة بالقول: «إذا أصبحت عيشة أحد الزوجين منغصة ومرّة فوق الاحتمال بسبب سوء معاملة الآخر المتواصلة ولم تفلح المصالحة بينهما وطلب المفارقة جاز للسلطة المختصة أن تحكم له بها إلي أن يتصالحا فإن كان الزوج سببها وجبت عليه النفقة لامرأته وأولاده الذين في رضاعتها أو حضانتها باتفاق الزوجين علي تقديرها أو بتقديرها من السلطة المختصة. وإن كانت الزوجة سبب المفارقة فلا تلزمه النفقة عليها إلا إذا كان له أولاد في رضاعتها». المفارقة هنا خلاف الطلاق إذ تنتهي بالمصالحة وعودة الأمور إلي الحياة الطبيعية بين الزوجين.
وتميز قانون الأحوال الشخصية للأقباط الإنجيليين في مصر الصادر عام 1902م بالتضييق علي أسباب الطلاق إذ حصرها في سببين فقط هما: الزني والدخول في دين آخر. المادة 18: "لا يجوز الطلاق إلا بحكم من المجلس العمومي وفي الحالتين الآتيتين: أولاً: إذا زني أحد الزوجين وطلب الطلاق الزوج الآخر.
ثانيا: إذا اعتنق أحد الزوجين ديانة أخري غير الديانة المسيحية وطلب الزوج الآخر الطلاق.» مادة 19: في الحالة الثانية المذكورة في المادة السابقة لا يحكم بالطلاق إلا لصالح الزوج الذي بقي علي دينه المسيحي.
هذان هما السببان المميزان للطلاق في قانون الأحوال الشخصية للأقباط الإنجيليين في مصر، وهو بالطبع عكس ما جاءت به لائحة 1938م للأقباط الأرثوذكس في مصر إذ جاءت بتسعة أسباب للطلاق في المواد من 50 إلي 58. وما تميزت به هذه اللائحة (لائحة 1938) إذ وضعت الأسباب تحت مفهوم «الجواز» أي «يجوز» للطرف المتضرر أنْ يقبل الطلاق، وإن قبل الطرف الآخر بعلته فلا طلاق. وكان هنا التأكيد علي المسئولية الفردية في قبول أو عدم قبول الطرف المتضرر فإن قبل شريكه علي علته فلا ضرر، وإن قبل الطلاق أيضًا فلا ضرر فهو متاح حسب لائحة 1938 للأقباط الأرثوذكس. وقد زكَّت هذه اللائحة (1938) المسئولية والرغبة الشخصية في تحمل الطرف الآخر من عدمه، وهذا عكس ما يثار الآن من إجبار الطرفين أن يعيشا معًا دون منفذ.
أما القانون الموحد الذي يدفع البابا به فهو عودة لقانون الأقباط الإنجيليين في مسألة الطلاق للسببين سالفي الذكر، وهما اللذان وردا في قانون الأحوال الشخصية للأقباط الإنجيليين في مصر، و اللذان أستقرا في وجدان ووعي الكنيسة الإنجيلية وفي أحكام القضاء في مصر. ومن هنا نري التأثير القوي للكنيسة الإنجيلية في التفكير الأرثوذكسي، إذ أثبتت الكنيسة الإنجيلية أنها الأقرب فهمًا وفكرًا للكتاب المقدس دون تسييس الدين، أو تديين السياسة، وهذا ما نراه الآن من حراك فكري حول قضايا الزواج والطلاق وإن تأخر في المفهوم وبعد عن فهم وفقه الواقع.