منتصر الزيات يفتح النار في (المصري اليوم) على حمدي خليفة، نقيب المحامين، ويتهمه بالمسئولية المباشرة عن عدم حل الأزمة القائمة حاليا بين المحامين والقضاة، لأنه لا يهمه الحل، بقدر ما يهمه أن يكون هذا الحل منسوبًا إليه وحده، ويقول: يتجاهل البعض أن أحوال الناس تختلف من ظرف لآخر، وأن ما يقتضيه مقام الانفعال ولحظة الحدث يختلف تماما عما يقتضيه مقام التدبر والهدوء، لكن الأهم ألا يتناقض محتوى الخطاب فى الحالتين وإلا عُدّ الأمر خارج السياق إما تراجعا محموداً وإما نكوصاً مذموماً، وقد اختلطت المشاهد منذ ذلك اليوم الذى تفجرت فيه الأحداث ولم نعد نعرف ما الذى يمكن والذى يستحيل.
ويتابع: غير أنى أشهد الله، ثم جميع المحامين فى عموم مصر، أن الكرة الآن معلقة فى رقبة حمدى خليفة، نقيب المحامين، وهو مسؤول أمام الله ثم أمام الناس، عما يجرى وما يمكن أن يجرى.
فالأخ حمدى خليفة منذ اندلعت الأزمة وهو يقابل مسؤولين هنا وهناك، ثم يخرج ليقول نفس العبارات تقريباً «كله تمام» و«جارى احتواء الأزمة» و«الأزمة انتهت»، المشكلة من وجهة نظرى أن نقيبنا الهمام حمدى خليفة، يدير الأزمة بمنطق المكسب والخسارة، هو تعب وهذه حقيقة، بذل جهداً وجولات مكوكية بين المسؤولين، أعلن منذ اللحظة الأولى عن إضراب عام رغم أن آخر الدواء الكى، يعنى كان مفترضاً أن الإضراب يكون مرحلة لاحقة،
المهم الرجل يشعر بأن أي حد يدخل في الموضوع "حيخصم" من حجم إنجازه - طبعا لما يتم الإفراج عن الزميلين المحبوسين - كانت هناك اقتراحات في مرحلة سابقة قبل أول جلسة أمام جنح مستأنف طنطا بتكليف نخبة من أساتذة القانون من شيوخ المحامين بالترافع، لكن سيطرت الخشية على حسابات صديقنا خليفة لو تم الإفراج عن الأولاد سيقول الناس الفضل لهؤلاء الأساتذة فتم صرف النظر عنهم، وعندما بدا أن سامح عاشور سيذهب لحضور الجلسة في طنطا تم الإعلان عن هيئة دفاع حصرية ليس من بينها عاشور بالطبع، وتردد مصطلح «فليمتنع سارقو الفرح»!!
رغم أن هيئة الدفاع هذه لم تجتمع اجتماعا واحدا تتفق خلاله على خطة دفاع، كل زميل يقف ليخطب خطبة عصماء ليدخل غيره في تدافع غريب وعجيب!! وها نحن نثنى على رغبة الزميلين المحبوسين في توكيل أستاذنا الكبير رجائي عطية فهو خير من يقوم بالمهمة، لكن لا أظن خليفة قادراً على أن يرتفع لمستوى المسؤولية فوق حاجاته الشخصية ليكلف القدير عطية.
لست أنقص خليفة حقه، كما قال المصطفى، لكن المصلحة العامة ينبغي أن ترتفع فوق كل الحاجات الخاصة والرغبات الشخصية.
ويحاول الزيات تحليل الأزمة قائلا: أعتقد أن أهم المتون التى نتمسك بها هى ضرورة صيرورة الأزمة إلى نتيجة حتمية لن نتنازل عنها، وأعنى بها إعادة النظر فى وضع المحامى فى مصر، بل مهنة المحاماة، التى تتعرض لمخاطر عديدة بين بطالة مقنعة يصنعها أسلوب عقيم فى نظام التعليم بمصر وما تورده مكاتب التنسيق من أعداد طائلة لكليات الحقوق ومنه إلى جدول نقابة المحامين.
لقد تراكمت فى السنوات العشر الأخيرة، وربما أكثر قليلا، معاناة المحامين فى تعاملهم مع بعض أعضاء النيابة العامة أو شباب القضاة أثناء وبسبب تأديتهم مهنتهم، فهم ينتظرون طويلا أمام أبواب وكلاء النيابة ليحصلوا على تأشيرة روتينية «نصرح حسب التعليمات» فما المانع إذن من إحالة مثل هذه الإجراءات للموظف المختص بعيدا عن أعضاء النيابة ينفذها حسب التعليمات!!
لابد أن يعود المحامى مهابا أمام موكله الذى يستشعر فيه القوة والنصرة، فإذا فقد المحامى مهابته أمام الناس فلا قيمة لعمله ولا قيمة للعدالة التى تُقتل فى عيون الناس.
نحن فى حاجة أكيدة لضبط العلاقة بين المحامين من جهة وأعضاء النيابة العامة والقضاة من جهة أخرى، بما يحقق الاحترام المتبادل وحسن سير العدالة.
إن المخرج الحقيقى من الأزمة يكمن فى ضرورة إعمال القانون وحق المحاميين المحبوسين فى محاكمة عادلة، وهى لن تكون إلا إذا تأخر الفصل فيها لوقت تقدره محكمة الموضوع تهدأ خلاله الأجواء وتستخدم المحكمة صلاحياتها بعيدا عن أجواء التوتر وهى تنظر فى طلب إخلاء السبيل والإفراج المؤقت بكفالة، وهو إجراء قانونى صحيح يمثل بعدها الزميلان لمحاكمة عادلة ويصدر الحكم عادلا بالإدانة أو البراءة حسبما ترى المحكمة وحدها.
كما أننا بحاجة إلى متابعة التحقيقات فى واقعة تعدى عضو النيابة باسم أبوالروس، على المحامى إيهاب ساعى، وسماع الشهود وترك التصرف للجهة المختصة دون رقيب على أعمالها سوى الله سبحانه ثم ضميرها.
ويختتم بالقول: نحن فى حاجة لإعادة الأجواء إلى ما كانت عليه قبل الأزمة، والنظر من ثم مجدداً فى بروتوكول ينظم العلاقة بين أضلاع مثلث العدالة: المحامون والنيابة العامة والقضاة.. ألا هل بلغت.. اللهم فاشهد.