بمناسبة الحراك السياسي الذي أيقظه ظهور الدكتور البرادعي في المشهد السياسي ، اضطر حزب العقم والجمود الوطني ان يستفيق على مضض من إغفاءته اللذيذة وراحته المديدة ، وخرج بعض ساسته ليقولوا بقين ( بضم الباء وكسر وتشديد القاف) لزوم المقام... وبالطبع وكعادتهم جم يكحلوها عموها !.. كبير الوزراء قال إن السيستم ( يقصد النظام ) لم يفرز بديل للرئيس مبارك!! .. أول القصيدة !! .. يعني اعتراف رسمي بان النظام فاشل وعقيم .... فوراً طلع صفوت الشريف و الفقيه المفوه مفيد شهاب لينفيا ما صدر عن كبير الوزراء ويؤكدا أن النظام بيفرز مش مابيفرزش وأن هناك عشرات يصلحون للرئاسة ، ولا يمنعهم إلا أن الرئيس مبارك شخص غير عادي ... هم بالطبع يقصدون أن الرئيس مبارك فوق مستوى البشر ... ونعم التبرير ... فلا نعرف ان نضحك ام نبكي!!
بعدها ظهر مرة أخرى متكلمي النظام الشريف وشهاب وهلال ، يتحدثون ويدافعون عن ديمقراطيتنا حماها الله وعن السيستم ( أقصد النظام ) الذي لم يسبقنا له أحد في العالمين من حيث الحرية والديمقراطية.. فيقرر الشريف اننا نتمتع بحرية صحافة وتعبير غير محدودة ، وهذا غير صحيح بالطبع لأنها حرية محدودة بحرية النباح والصراخ اما تكوين حزب سياسي او تنظيم مسيرة فغاية دونها خرط القتاد.... وعندما ياتي الحديث عن شروط انتخاب رئيس الجمهورية التعجيزية الهزلية يردوا في تناغم وتطابق ، كما لو كانوا يقرأون من ذات الورقة .. إن الترشيح بالنسبة للأحزاب سهل جداً متناسين ما هم معترفين به من هزال الأحزاب وعدم تواجدها الفعلي في النظام السياسي المصري إلا على هيئة أشباح – بفعل فاعل وطني دمقراطي - ، فالترشيح للرئاسة ميسر للأشباح فقط!! ، أما بالنسبة للمستقلين ، فردهم أكثر طرافة وعجباً ، وهو إن الأصل في الحياة السياسية هو الأحزاب ، وهم هنا يقعون في ذات التناقض ومخالفة العقل والمنطق ، إذ إن العبرة ليست بالأصل المفترض او الذي يجب ان يكون عليه الحال ، وإنما العبرة بالواقع ، والواقع يقول انه ليس لدينا حياة سياسية حزبية حتى الآن وأن الأحزاب الموجودة ورقية شبحية !! ... فهل يشرع هذا السيستم أنظمة ملائمة للواقع الفعلي أم لواقع إفتراضي؟؟؟ ... لا حاجة بهم لمزيد من الإيضاح مع افتراض سهولة استغفالنا .. إنما المصيبة هي في ترديد ذات الكلام الفارغ على العالم الخارجي لتزداد مساحة السخرية من نظامنا الهزلي.
تبقى آخر طرفة يرددها الثلاثة في تطابق ، وهي تدور حول شروط تأسيس الأحزاب الهزلية أيضاً في رد قريب للسيد الشريف ، يقرر أنه لا بأس من رئاسة عضو الحزب الوطني للجنة تأسيس الأحزاب بوصفه رئيساً لمجلس الشورى ، وإن تلك اللجنة قراراتها إدارية يمكن الطعن عليها أمام مجلس الدولة ... إذاً انتوا زعلانين ليه؟؟؟ .. الأمر طبعاً ليس بهذه البساطة يا صفوت بك ... ونحن لسنا بهذه الغفلة... فالسيد الشريف يتحدث عن لجنة الأحزاب مؤكداً أنها لجنة إدارية وهذا غير صحيح تماما ً بل هي لجنة سياسية كما يقطع بذلك تشكيلها المتضمن ثلاثة وزراء من أصل خمسة ، واختصاصها ، فلا تنطلي علينا تلك المغالطة ، إلا إذا اعتبرنا تأسيس الأحزاب عمل إداري لا سياسي . ويضيف سيادته إن الطعن على قرارات تلك اللجنة التي يصفها بالإدارية جائز وممكن قضاء
وهنا نستعرض نصوص قانون الأحزاب المصري العبقري رقم 40 لسنة 1977 والحائز على جائزة نوفل في إفساد الحياة السياسية ووأد الممارسة الديمقراطية.
تشترط المادة الرابعة بند ثانيا لتأسيس حزب سياسي { تميز برنامج الحزب وسياساته أو أساليبه في تحقيق هذا البرنامج تميزاً ظاهراً عن الأحزاب الأخرى}
وهذه النص الخبيث المخرب لا يختلف في قليل او كثير عن النص الهزلي المانع في المادى 76 من الدستور بشأن شروط المرشح لرئاسة الجمهورية .. وهنا يطلب النص الأكثر خبثاً وهزلاً ، ما يسميه بشرط التميز!!! ... وإعمالاً لشرط التميز هذا ، لا يجوز تأسيس حزب جديد ليبرالي ولا اشتراكي ولا ولا يمين ولا يسار ولا وسط ... لماذا ؟ ... لأن لدينا أكثر من أربعين حزب باكثر من أربعين برنامج ووسائل ، يستحيل معها تصور ان ياتي مجموعة من الناس ليخترعوا برنامج لحزب جديد يختلف عما هو وارد على الورق في برامج الأحزاب الورقية الموجودة!!
هذا طبعاً باستثناء إمكان تأسيس حزب سياسي تتمثل وسائله في قراءة النجوم والطالع أو فتح المندل والكوتشينة .. أو يهدف إلى نقل تكنولوجيا ستار أكاديمي من لبنان إلى مصر ، أو إقامة نهضة اقتصادية على أساس من فكر الجهاد كما يفهمه احد نجوم مشايخ الفضائيات ، الذي يرى أن سبب مشاكلنا الإقتصادية اننا قعدنا عن الجهاد ، ويقول لا فض فوه ما نصه { هو احنا الفقر الى احنا فيه إلا بسبب ترك الجهاد؟
مش كنا لو كنا كل السنة بنغزو مرة ومرتين والا تلاتة كان حايسلم ناس كتير فيى الأرض واللى يرفض هذه الدعوة نغزو أولادهم ونساءهم
كل واحد مجاهد كان بيرجع من الجهاد وهو جيبه مليان... ليه ؟ ... معاه اتنين تلاته شحطه وتلات اربع نسوان وتلات اربع ولاد اضرب كل راس في تلتمية درهم أو دينار ... راجع بمالية كويسة ....
لو هو راح يعمل صفقة تجارية في بلاد الغرب عمره ما حايعمل الأموال دي
وكل ما يتعزر ياخد راس يبيعها ويفك أزمته!! .... ويبقى له الغلبة }
طبعا لا يوجد أكثر من هذا التميز الفكري ... وأعتقد إن طلب تكوين الحزب بهذا الفكر سيكون مصيره الموافقة فوراً لإثرائه الحياة السياسية وإنعاش جيوب المصريين لأن كل واحد سيفك زنقته!!
أما عن حق الطعن القضائي على قرارات لجنة الأحزاب كما يقرر السيد صفوت الشريف ، فيصطدم بالطبع بنص التميز الذي يستحيل أن يفلت منه أحد ، فيكون من المؤكد بنسبة 100% للمحكمة ان تؤيد قرار لجنة الأحزاب لعدم توافر شرط التميز ، ذلك إضافة إلى إقحام تشكيل سياسي لهيئة المحكمة ، إذ ينص القانون على الطعن على قرارات لجنة الأحزاب امام الدائرة الاولى للمحكمة الإدارية العليا التي يرأسها رئيس مجلس الدولة مضافاً إلى تشكيلها عدد مماثل من الشخصيات العامة يصدر باختارهم قرار من وزير العدل!!!!
فهل هذه المحكمة بهذا التشكيل القضائي السياسي المختلط تعد قاضياً طبيعياً للمتظلم من قرار لجنة الأحزاب؟؟؟ .... بالقطع لا!!!
ولا زالوا ينشدون في واديهم ومصرهم لا مصرنا .... نشيد ديمقراطيتنا حماها الله