كتب عنتر فرحات وعلا عبدالله ووكالات ١/ ١٢/ ٢٠١٠
«رويترز»
جوليان أسانج صاحب الموقع الذى تسبب فى صدمة دبلوماسية عالمية
كشفت وثائق جديدة لموقع «ويكيليكس» على الإنترنت أمس عن بعض المراسلات السرية حول اتصالات وحوارات جرت بين الرئيس حسنى مبارك وبعض المسؤولين والدبلوماسيين الأمريكيين خلال العامين الماضيين، وذكرت إحداها أن مبارك قال للأمريكيين بأن ينسوا إمكانية تحقيق الديمقراطية فى العراق، بينما نقلت وثيقة أخرى وصف مسؤول إسرائيلى وزير الخارجية المصرى أحمد أبوالغيط بأنه يمثل «عقبة مزعجة» للعلاقات بين القاهرة وتل أبيب.
وتناولت هذه البرقيات آراء مصرية حول التعامل مع عدد من القضايا أبرزها إيران والعراق والقضية الفلسطينية، وكشفت المراسلات عن تصريحات تعود إلى شهر مايو ٢٠٠٨ حين التقى الرئيس مبارك ونجله جمال واللواء عمر سليمان عددا من نواب الكونجرس الأمريكيين على هامش اجتماعات المنتدى الاقتصادى العالمى فى شرم الشيخ،
وكشفت الوثائق عن تصريحات أخرى لمبارك خلال اجتماع مع السيناتور الأمريكى جون كيرى والسفير الأمريكى فى القاهرة فى يوليو ٢٠٠٨، وقال الرئيس مبارك بحسب إحدى البرقيات إنه نصح ديك تشينى، نائب الرئيس الأمريكى السابق، بعدم غزو العراق.
ونصح مبارك الأمريكيين بدعم القوات المسلحة العراقية «ما سيؤدى إلى حصول انقلاب عسكرى يأتى بديكتاتور لكنه ديكتاتور عادل»، ومضى الرئيس المصرى قائلا بحسب إحدى المراسلات: «انسوا الديمقراطية.. العراقيون قساة بالفطرة»، لكن الرئيس المصرى رد حين سُئل عن وضع جدول زمنى للانسحاب الأمريكى «لا يمكنكم الانسحاب».
وحين سُئل عن رأيه فى رئيس الوزراء العراقى نورى المالكى قال مبارك: «لقد جاء إلى القاهرة وأعطيته رقم هاتفى لكنه لم يتصل بنا».وأضاف أن مصر عرضت استضافة وتدريب القوات العراقية لكن العراقيين لم يردوا على هذا العرض.
وحذر مبارك واشنطن من إيران واتهمها بـ«الكذب الدائم من أجل خدمة هدف أكبر» مضيفا أن «مصر قد تضطر لبدء برنامج نووى تسلحى لو نجحت ايران فى برنامجها النووى الذى اعتبر أنه يسبب له وللجميع حالة من الرعب». ونسبت إحدى البرقيات إلى الرئيس المصرى قوله إنه أبلغ الرئيس الإيرانى السابق محمد خاتمى بأن ينصح خلفه محمود أحمدى نجاد بألا يستفز الأمريكيين. واعتبر مبارك أنه نتيجة الغزو الأمريكى للعراق وسعت إيران نفوذها فى كل مكان.
وفيما يتعلق بالانتقادات الأمريكية لملف حقوق الإنسان فى مصر اكد مبارك على العلاقات الجيدة مع واشنطن لكنه قال إن الإدارة الأمريكية لا تتلقى المعلومات الصحيحة مضيفا: «أنا صبور بطبعى».
ونقلت صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية عن إحدى الوثائق المسربة، أن مسؤولين إسرائيليين اتهموا وزير الخارجية المصرى أحمد أبوالغيط بأنه يضر بالعلاقات مع إسرائيل، وذلك وفقا لوثيقة السفارة الأمريكية فى تل أبيب التى نشرها « ويكيليكس»، وقالت الصحيفة إن رئيس مجلس الأمن الوطنى الإٍسرائيلى، أوزى أراد، انتقد موقف مصر تجاه البرنامج النووى الإسرائيلى خلال محادثاتهم مع مسؤولين أمريكيين العام الماضى.
ونقلت الصحيفة عن الوثيقة أن ألين توشر، وكيل وزارة الخارجية الأمريكية لشؤون الحد من التسلح والأمن الدولى، وصل إلى إسرائيل فى أول ديسمبر الماضى لعقد اجتماعات مع المسؤولين الحكوميين حول الاستعدادات بشأن الأسلحة النووية، والتى كانت ستتم مناقشتها فى مؤتمر مراجعة معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية بعد ذلك بـ٦ شهور فى نيويورك.
وجاء فى الوثيقة أن مصر ضغطت بشدة على الولايات المتحدة لدعم الدعوة إلى الإشراف على المنشآت النووية الإسرائيلية وعقد قمة دولية بشأن نزع الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط.
وذكرت الصحيفة، نقلا عن الوثيقة، أن «توشر» خلال لقائها مع مجموعة من المسؤولين الإسرائيليين، رفيعى المستوى، ومتخصصين فى الشأن النووى، طلبت من إسرائيل أن تبدى مرونة فيما يتعلق بمنشآتها النووية قبيل انعقاد المؤتمر، إلا أنها تعهدت بأن حكومتها ستتشاور مع تل أبيب بشأن هذه المسألة، ولن تتخذ أى رد فعل من شأنه تقويض أمن إسرائيل.
وحسبما ذكرت الوثيقة، فإنه بعد ٦ شهور، وخلال انعقاد المؤتمر، استسلمت واشنطن لضغوط مصر، على الرغم من نداءات إسرائيل، وسمحت للمؤتمر بتمرير قرار يدين تل أبيب لعدم فتح منشآتها النووية للتفتيش.
ووفقا للوثيقة، فإن رئيس مجلس الأمن الوطنى الإٍسرائيلى، اوزى أراد، وصف أحمد أبوالغيط، بأنه «مشكلة مزعجة» فى العلاقة بين مصر وإسرائيل، خاصة فيما يتعلق باقتراحه وجود شرق أوسط خال من الأسلحة النووية، قائلاً إن إسرائيل تريد أن ترى «انعكاساً فى المواقف» المصرية بشأن البرنامج النووى الإيرانى.
وفى الوقت الذى أظهرت فيه الوثائق الرعب الخليجى من التهديد النووى الإيراني، أظهرت برقية فى فبراير ٢٠١٠، أن العاهل السعودى الملك عبدالله بن عبدالعزيز كرر تحذيره لمستشار الأمن القومى الامريكى حينها الجنرال جيمس جونز،
وقال له: «إذا نجحت إيران فى تطوير أسلحة نووية فإن الجميع فى المنطقة سيقومون بالأمر نفسه، بما فى ذلك السعودية»، وأضاف فى برقية أخرى لمسؤولين أمريكيين فى مارس ٢٠٠٩ أن الإيرانيين لا يعتقدون أنهم يقومون بأى أمر سيئ ولا يقرون بأخطائهم.
وأعرب العاهل السعودى عن اعتقاده بأنه حتى لو تم التوصل إلى حل للنزاع الفلسطينى - الإسرائيلى، فإن «هدف إيران هو التسبب بالمشاكل». وقال بحسب الوثيقة: «هناك من دون شك أمر يثير اللا الاستقرار من جانبهم ... فليكفنا الله شرهم». وقال الملك: «لدينا (مع الإيرانيين) علاقة مقبولة منذ سنوات، ولكن فى النهاية لا يمكن الوثوق بهم».
وبالرغم من لقاءات متعددة بين مسؤولى إيران والسعودية، واصلت الرياض رفض مصالح الإيرانيين فى العالم العربى لأنها دولة شيعية، وروى العاهل السعودية كيف طلب من وزير الخارجية الإيرانى منوشهر متقى الابتعاد عن حماس وبحسب الرواية، قال متقى للعاهل السعودى: «إنهم مسلمون»، فرد الملك: «لا.. إنهم عرب، وأنتم الفرس لا علاقة لكم بشؤون العرب».
وتظهر الوثائق أن واشنطن كانت منزعجة جدا من رفض الرياض إرسال سفير إلى العراق، إذ أعرب السعوديون عن مخاوف من تعرض دبلوماسييهم للخطف أو القتل، إلا أنهم أوضحوا بأنهم لا يقبلون بالطابع الشيعى الواضح لسياسة رئيس الوزراء نورى المالكى. وقال الملك عبدالله للأمريكيين فى مارس ٢٠٠٩: «أنا لا اثق بهذا الرجل المالكى.. إنه عميل إيرانى». وتظهر الوثائق أن السعوديين والخليجيين يرصدون قيام عملاء إيرانيين بإنشاء جماعات مسلحة فى أفريقيا واليمن ومناطق أخرى على غرار حزب الله.
وأكدت الرياض أنها غير معنية بالوثائق التى نشرها موقع ويكيليكس، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية السعودية أسامة النقلى إنها «لا تعنى المملكة»، قائلاً: إن الرياض لم تلعب أى دور فى نشرها وإن سياسة بلاده كانت دائما واضحة وذلك ردا على الاتهامات التى أوردتها الوثائق بأن الرياض طالبت واشنطن بمهاجمة إيران بسبب برنامجها النووى.
وأكدت إحدى الوثائق معارضة الزعيم نيلسون مانديلا لحرب، العراق حيث وصف الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش بأنه «لا يستطيع التفكير بشكل صائب»، كما اعتبر مانديلا الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفى أنان بأنه «أسود البشرة»، ووفقا للوثائق، سخر مانديلا من رئيس الوزراء البريطانى الأسبق تونى بلير حيث وصفه بأنه «وزير خارجية بوش».
وبدوره، قال رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو إن الوثائق تثبت بوضوح أن «العرب يتفقون مع الموقف الإسرائيلى الذى يرى فى إيران الخطر الرئيسى فى الشرق الأوسط». ودعا نتنياهو زعماء الدول العربية الى التحلى بالشجاعة وإبداء موقفهم صراحة وعلانية، بينما ردت إيران بأن الوثائق تهدف إلى الإضرار بعلاقاتها بالدول العربية،
وطالبتهم بعدم الوقوع فى فخ الوثائق التى تعتبرها مؤامرة مريبة تهدف إلى بث الفرقة فى العالم الإسلامى وتصور طهران على أنها مصدر قلق، بعد أن كان الرئيس الإيرانى أحمدى نجاد قال إن الوثائق لا قيمة لها وأنها لن تضر بالعلاقات الإيرانية مع جيرانها.
وكشفت البرقيات أن نتنياهو كان يعتبر قبل تجميد الاستيطان مؤقتا فى الضفة أن الفلسطينيين سيقبلون بأى اتفاق تصادق عليه الولايات المتحدة، مؤكدا أن المشكلة الأساسية بين واشنطن وتل أبيب.
وتناولت إحدى وثائق «ويكيليكس» العلاقات السرية بين إسرائيل والإمارات، ومنها العلاقات السرية بين وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبى ليفني، ونظيرها الإماراتى الشيخ عبدالله بن زايد، وذكرت برقية بعثها المستشار السياسى فى السفارة الأمريكية فى تل أبيب فى مارس ٢٠٠٩، أن رئيس دائرة الشرق الأوسط فى وزارة الخارجية الإسرائيلية يعكوف هداس، استعرض أمام المستشار الأمريكى العلاقات بين إسرائيل ودول الخليج، وتطرق إلى الإمارات، مشيرا إلى أن وزير الخارجية الإماراتى الشيخ عبدالله بن زايد أنشأ علاقات شخصية جيدة مع وزيرة الخارجية ليفنى.
تطرقت الوثائق إلى قطر وقناة الجزيرة، وقالت إن رئيس الموساد الإسرائيلى مائير داجان وصف قطر بأنها مشكلة حقيقية، وأنها «تلعب كل الأدوار فى مسعى لتحقيق الأمان ودرجة من الاستقلالية»، وذكرت برقية دبلوماسية أن داجان قال للأمريكيين: «يجب نقل القواعد الأمريكية من قطر»،
مشيراً إلى أن التواجد الأمريكى هو الذى «يمنح قطر الثقة»، كما وصفت برقية جديدة قطر بأنها الأسوأ فى مجال مكافحة ما يسمى الإرهاب فى المنطقة. وتطرقت الوثائق إلى قناة الجزيرة، وقالت إن داجان عبّر عنها بسخرية قائلا إنها «قد تكون السبب المقبل للحرب فى الشرق الأوسط».وأشار إلى أن «بعض القادة العرب على استعداد لاتخاذ خطوات قاسية لإغلاق القناة، ويحمّلون أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثانى شخصياً مسؤولية استفزازاتها».
وأكدت وثائق أخرى سرية، أن الولايات المتحدة تحتفظ بأسلحة نووية تكتيكية فى هولندا وبلجيكا، وذكرت صحف بلجيكية أن برقية سرية مرسلة من سفارة واشنطن فى ألمانيا إلى وزارة الخارجية الأمريكية ورد فيها وجود أسلحة نووية أمريكية تكتيكية فى ألمانيا وهولندا وبلجيكا وتركيا.
ومن التسريبات الأخرى، نقلت برقية سرية تصريحات اثنين من كبار المسؤولين الصينيين بينت سخط الصين على بيونج يانج واعتبروها تتصرف كطفل مدلل، وقال المسؤولان لنظرائهما فى فيينا إنه يجب إعادة توحيد شبه الجزيرة الكورية تحت حكم كوريا الجنوبية، وأكدا أن بكين لا تولى أهمية كبيرة لكوريا الشمالية كمنطقة عازلة، رغم رفضها أى وجود عسكرى أمريكى فى الشمال، بينما قال مسؤول كورى جنوبى إن كوريا الشمالية «انهارت بالفعل اقتصاديا، وستنهار سياسيا فى غضون عامين أو ثلاثة عقب موت كيم جونج إيل».
وحول قيادات العالم، نقلت بعض البرقيات على لسان المستشار الدبلوماسى للرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى نعته الرئيس الفنزويلى هوجو شافيز بـ«المجنون» وبأنه بصدد تحويل بلده إلى بلد شبيه بـ«زيمبابوى»، وكشفت برقية أخرى عن معاناة الزعيم الكورى «كيم جون إيل» من أمراض نفسية وجسدية.
ونفى المتحدث باسم الخارجية الأمريكية فيليب كراولى أن يكون الدبلوماسيون الأمريكيون قاموا بجمع معلومات استخباراتية بحسب ما ذكرته برقيات مرسلة من وزيرة الخارجية هيلارى كلينتون إلى ٣٣ سفارة فى العالم وقال: «بخلاف ما ورد فى موقع ويكيليكس، فإن دبلوماسيينا لم يكونوا عناصر استخبارات».
وقلل كراولى من أهمية البرقية المذكورة. بينما قالت وزيرة العدل البوليفية نيلدا كوبا إن الوثائق تظهر أن مسؤولين فى الوكالة الأمريكية لمكافحة المخدرات والوكالة الدولية للتنمية قاموا بأعمال تجسس فى بوليفيا.