المحامي والضابط.. والنيابة واين العدالة
.في 6 يونيو الماضي تعدي مدير نيابة في طنطا علي محامٍ وصفعه مما دفع المحامي إيهاب ساعي الدين وزميله مصطفي فتوح إلي ضرب مدير النيابة.
وقامت الدنيا ولم تقعد.
فتحركت النيابة.. وانتقل النائب العام بنفسه إلي طنطا وتم القبض علي المحاميين والتحقيق معهما وحبسهما علي ذمة التحقيق.
.. وبدأنا نسمع عن نادي القضاة الذي كان قد تم إسكاته بالضربة القاضية.. ليطالب بالقصاص.. وبدا أن هناك حرباً أهلية بين جناحي العدالة القضاء والنيابة من ناحية والمحامين من ناحية أخري.
وجري إحالة المحاميين المتهمين إلي محكمة عاجلة بعد 3 أيام فقط من يوم الحادث- أي في يوم 9 يونيو- لتصدر محكمة جنح طنطا حكمها بحبس المحاميين خمس سنوات.
.. وتشتعل الأزمة ويعتبر المحامون أن هذا اعتداء آخر عليهم بهذا الحكم القاسي بعد اعتداء مدير النيابة علي المحامي وصفعه.. ويزداد الاشتعال بخروج مظاهرات للمحامين.
.. هذا في الوقت الذي يتشدد فيه نادي القضاة وأعضاء النيابة ويرفضون أي مبادرات للصلح، في الوقت الذي تفشل فيه نقابة المحامين ونقيبها في الحزب الوطني الذي منحوه عضوية الشوري بالتزوير مثل غيره في انتخابات مجلس التزوير «مجلس الشوري سابقاً» في الوصول إلي حل للأزمة.. وهو ما كان يزيد من اشتعال القضية لدي المحامين الذين اعتبروا أنفسهم الطرف الضعيف المعتدي عليه دائماً من جناح العدالة الآخر.
.. وتستمر القضية إلي أن أصدرت محكمة جنح مستأنف طنطا في 5 سبتمبر الماضي حكمها بتخفيف الحكم السابق علي المحاميين من السجن 5 سنوات إلي سنتين وثلاثة أشهر.. لتهدأ الأمور مؤقتاً ويظل في النفوس شيء.
أُذكر بتلك القضية بمناسبة التقرير الإخباري المهم الذي نشرته الزميلة هدي أبوبكر في عدد الثلاثاء الماضي من «الدستور» عن قيام ضابط في أمن الدولة برشيد بالاعتداء بالضرب علي 3 وكلاء نيابة سألوه عن احتجاز مواطنين ولعل إعادة نشر نص التقرير الإخباري مرة أخري هنا تفيد: «اعتدي ضابط أمن الدولة المقدم (ع.ر) بمدينة رشيد بمحافظة البحيرة علي ثلاثة من وكلاء النيابة برشيد وذلك أثناء قيامهم بالتحقق من بلاغ لاحتجاز أمن الدولة 9 أفراد دون وجه حق، وقام الضابط بالاشتباك مع وكلاء النيابة الثلاثة وأصدر أوامره للعساكر بالقسم بإبعاد وكلاء النيابة عن القسم بعد أن قام بسبهم بألفاظ نابية واشتبك بالأيدي مع أحدهم».
تعود وقائع القصة إلي تقدم عدد من الأهالي ببلاغ إلي نيابة رشيد يفيد احتجاز 9 من أبنائهم بمقر أمن الدولة داخل مركز شرطة مدينة رشيد دون وجه حق، وتم فتح تحقيق رسمي في البلاغ وأخذ أقوال الأهالي وصدر قرار عن المحامي العام الأول لنيابات شمال البحيرة المستشار هاني سالم بتكليف ثلاثة من أعضاء النيابة بالانتقال إلي مقر أمن الدولة بمركز رشيد، وهو المكان المحتجز فيه أبناء الأهالي مقدمي البلاغ وبالفعل انتقل أعضاء النيابة الثلاثة إلي مقر أمن الدولة الأحد الماضي ووجدوا 9 من الشباب محتجزين بغرفة خشبية بها شباك من الحديد استغاثوا من خلاله برؤساء النيابة وتمكنوا من الحديث معهم إلا أن مقدم أمن الدولة «ع.ر» تدخل وقام بإبعاد وكلاء النيابة عن المكان، بل أصدر أوامره للعساكر الموجودين بإبعاد وكلاء النيابة عن مكان احتجاز المواطنين، وقال موجهاً أوامره لعساكره «اللي يقرب اضربوه بالنار».. وقام الضابط بالاشتباك مع وكلاء النيابة الثلاثة وتعدي عليهم بألفاظ نابية وقام بوخز أحدهم في كتفه.. فما كان من وكلاء النيابة إلا أن انسحبوا من مقر أمن الدولة وقدموا مذكرة للمحامي العام الأول لنيابات البحيرة أثبتوا فيها الواقعة واتهموا مقدم أمن الدولة «ع.ر» برشيد بالتعدي عليهم أثناء عملهم والتعرض لهم ومنعهم من تأدية عملهم، كما وجهوا له اتهاماً بالسب والقذف في حقهم.
وانتهت القصة.
.. ورغم ذلك لم يتحرك النائب العام ولم يذهب إلي رشيد.
ولم يصدر شيء عن نادي القضاة.
.. وحتي عندما تم استدعاء الضابط للنيابة للتحقيق معه اختفي.
.. فعلاً هناك فرق في التعامل مع ضابط أمن الدولة من الداخلية.. ومحامٍ من المواطنين.
.. فأين العدالة؟!