أصدرت لجنة حكماء المحاماة والوساطة التى تشكلت مؤخرا من عدد من المحامين بيانا طالبت فيها بتوفير المناخ الملائم لإجراء محاكمة عادلة لمحاميى طنطا المحبوسين، واعتبرت أن التهدئة وإتاحة الفرصة للجميع وخاصة قاضى المحكمة شرطًا أساسيًا للخروج من الأزمة، وإصدار حكم عادل بعيدا عن التأثر بأجواء التصعيد الجارية.
وأكدت اللجنة بعد اجتماع طويل أمس، الخميس، فى نادى السيارات، وبعدها بمكتب د. محمد كامل، ضرورة بدء صفحة جدية للجميع يسودها الود والاحترام المتبادل بين وجهى العدالة، من خلال تأجيل نظر جلسة الاستئناف المحدد لها بعد غد، الأحد، أمام محكمة جنح مستأنف طنطا، وتزامن ذلك مع إيقاف تنفيذ الحكم الصادر بحق الزميلين المتهمين، وإخلاء سبيليهما لحين الفصـل نهائياً فى الدعوى، وكذلك إتاحة الفرصة للنيابة العامة للنظر فى بلاغ المحامى ضد وكيل النائب العام وتحقيقه فى مناخ ملائم.
وترى اللجنة التى تضم كلا من د. يحيى الجمل، أستاذ القانون الدستورى، ومحمود أباظة، رئيس حزب الوفد السابق، ود. محمد كامل، عضو مجلس نقابة المحامين السابق، وصلاح القفص، المحامى، وسامح عاشور، نقيب المحامين السابق، البدء فورا فى مناقشة كل المشكلات والعقبات التى تحول دون حسن سير العدالة وكفالة حق الدفاع، وإنهاء أى مسببات للاحتقان التى يمكن أن تحدث بين الشريكين.
وأجرت اللجنة اليومين الماضيين لقاءات متعددة مع كل من المستشارين عادل عبد الحميد، رئيس مجلس القضاء الأعلى، وعبد المجيد محمود النائب العام، وعدد من الشخصيات القضائية بمجلس إدارة نادى القضاة السابق والحالى.
وأوضح المحامون أن المحاماة عاشت طوال عقود مضت تقاتل من أجل عزة واستقلال القضاء، وتدافع عن عرينه وحصنه، كما كان القضاء دائما منتصرا للمحاماة وعزتها واستقلالها ولم ينل من هذا الالتحام، وتلك الشراكة بعض السحابات التى مرت عليها، إلا أنه و فى الفترة الأخيرة والأيام القليلة الماضية تداعت الأحداث وتداخلت فى قضية فردية بين محام ووكيل للنائب العام، وتحولت بين ليلة وضحاها إلى قضية صمم فيها كل طرف على أن هناك أمرا يمس كرامته وكأن كرامة المحاماة غير كرامة القضاء أو العكس.
وقال أعضاء اللجنة فى بيانهم: "لما كان المحامون الموقعون على هذا البيان، بحكم مسئوليتهم المهنية وانتمائهم للمحاماة يدفعون إلى المحامين والقضاة على السواء مبادرةً وحواراً بين الشريكين، يضع النقاط فوق الحروف، وألا ينتصر فيه طرف على حساب الطرف الآخر، ولا ينال من كرامة أو عــزة أى من الشريكيــن.. نهيب بزملائنا وأبنائنا جناحى العدالة أن يتحلوا بما تحلى به الأوائل من هدوء وتريث وحكمة، وأن يتم التعاطى مع الأزمة بما يتفق وعزة وقدر وجلال القضاء والمحاماة، وأن نستدعى معاً فى هذا الصدد تاريخاً مشتركاً صاغ حروفه، وبنيانه شيوخ المحاماة وشيوخ القضاة، وكأن هناك نسبا بين المحاماة والقضاء حين كان عبد العزيز باشا فهمى نقيباً للمحامين ثم قاضياً لقضاة مصر، وقاد المحامون والقضاة الحركة الوطنية المصرية نحو استقلال الوطن وإلغاء الامتيازات الأجنبية والمحاكم المختلطة".
وأوضح سامح عاشور أن مبادرتهم هذه يتحركون عليها من الخميس قبل الماضى فى ذات أسبوع الأزمة، وتمت بناء على ذلك مقابلات جادة كان آخرها أمس، الاخميس، مع النائب العام المستشار عبد المجيد محمود تركز جميعها على توفير الجو الهادئ للخروج من المأزق بما يحافظ على كل الأطراف ويمكن من محاكمة عادلة للطرفين، مشيرا إلى أن المناخ الحالى المحتقن بين انفعالات المحامين وتشدد القضاة لا يعطى أى فرصة للقاضى بالحكم بالقانون، لذلك كان هدفهم إقناع الطرفين وهو ما حدث بضرورة توفير فرصة للعقل، خاصة أنه لا خصومة مع القضاة، ولكن مع الحكم فى جو غير ملائم سبب عدم تحقيق العدالة.
وحول هيئة الدفاع التى تم تشكيلها لحضور جلسة الاستئناف بعد غد الأحد، أكد عاشور أنه لا حاجة من الأساس لهيئة دفاع إذا لم يقتنع القضاة بالتهدئة ولا جدوى من أى دفاع موضوعى إذا لم يتم إخلاء السبيل للمحامين، فإذا حدث عجز فى إقناع المحكمة قبل بدء الجلسة بالتأجيل وإخلاء السبيل فلن يكون هناك أمل فى التهدئة، لكنه استدرك بتأكيده أن رهانهم على ضمير القاضى وعلى تغيير المناخ المحتدم.